أجواء متناقضة سرت يوم أمس حول النتائج الفعلية التي خرج بها اللقاء الذي عقد في منزل النائب عبد الرحيم مراد في بيروت، بين رئيس التيار الوطني وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ونواب اللقاء التشاوري للنواب المستقلين السنّة، تراوحت بين السلبية والإيجابية، ما أبقى الوضع الحكومي رمادياً، بانتظار تبلور المساعي في سبيل إيجاد مخرج وحلّ للعقدة السنية، وهو حلّ لا يبدو أنه نضج بعد حول كيفية تمثيل أحد نواب اللقاء التشاروي في الحكومة.
التطورات المتشعبة التي سبقت اللقاء، والتصريحات التي صدرت بعد انعقاده، والتسريبات التي كشفت بعض ما جرى فيه، أعطت إنطباعاً أنه لم يحصل أي تقدّم جوهري في القضية، وأن الأزمة الحكومية ما تزال تراوح مكانها نظراً لتمسك كل طرف بموقفه ورفضه التنازل والتراجع عنه، وأن الوصول إلى الخاتمة السعيدة وتأليف الحكومة ما يزال بعيداً.
وكشفت تطورات الساعات الأخيرة في هذا السياق جملة من الملاحظات، أهمها:
أولاً: سبقت اللقاء أجواء ضبابية وإشكاليات حول مكان إنعقاده، بعدما تسربت معلومات أن باسيل طلب لقاء نواب اللقاء التشاوري في مقر التيار الوطني الحر فرفضوا، كما أن فكرة عقده في مجلس النواب سقطت، وأصر نواب اللقاء على عقده بمنزل أحدهم، وأن على باسيل إذا أراد أن يكون وسيطاً محايداً، أن يفعل ذلك مثلما فعل مع غيرهم، بعدما زارهم تباعاً في منازلهم ومقرّاتهم وليس أي مكان آخر، إلى أن استقر الرأي على عقد اللقاء في منزل مراد، كونه الأكبر سنّاً بينهم.
ثانياً: لقاء باسيل مع نواب اللقاء أظهره وكأنه هو من يقوم بتشكيل الحكومة وليس الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي رأت أوساط أن مهمة تأليف الحكومة، وفق الدستور، هي من اختصاصه حصرياً بالتعاون مع رئيس الجمهورية، وكشف اللقاء ″إستقالة″ الحريري من دوره المنوط به دستورياً، وطرح تساؤلات عن أنه إذا لم يعالج الحريري أزمة الحكومة داخل ″بيته″ السنّي فكيف يمكن له معالجتها عند الآخرين، كما أن ″طروحات″ باسيل في اللقاء، وفق أوساط سياسية، بدت غير منطقية، لأنها حصرت صلاحيات الحريري بالمربع السنّي، وهذا يتعارض مع صلاحيات الرئيس المكلف ومع الأعراف والدستور.
ثالثاً: برز تناقض لافت في كلام باسيل بعد اللقاء، إذ بعدما قال إن رئيس الجمهورية ″ليس طرفاً في هذه الإشكالية التمثيلية، وهو ليس لديه مشكلة بوزير سنّي من اللقاء التشاوري أو بوزير من تيار المستقبل″، طرح مبادرة ليس معروفاً إن كانت ستنجح أم ستسقط كما كان مصير سابقاتها، بقوله إنه ″ليس هناك ما يمنع أعادة الوزير المسيحي إلى رئيس الجمهورية والسني لرئيس الحكومة، لسحب أي محاولة لادخال الرئيس بالمشكلة، وكي نساعد الجهتين للوصول إلى حلّ″.
رابعاّ: بعدما اعترف باسيل بـ″الحيثية التمثيلية″ لنواب اللقاء التشاوري، ولو متأخراً، ظهر وكأنه نفض يديه من الأمر، بدعوته ″المعنيين بالمشكلة″، أي الحريري ونواب اللقاء التشاوري إلى ″الإجتماع مباشرة″، معتبراً أنه ″لا بدّ من الإستماع إلى الفريق المعني بهذه الأزمة″، فهل تلقى دعوته إستجابة من الرئيس المكلف أم يبقى على ″عناده″، كما وصف النائب مراد رفض الحريري مشاركة نواب اللقاء في الحكومة، وتأكيده على تمسكه وزملائه بذلك.