من الواضح ان الجميع يحاول ترويج فكرة هروب أمين عام تنظيم أنصار الله جمال سليمان وإستبعاد فرضية التنسيق على اعلى المستويات لضمان خروج امن له ولعائلته، وذلك لاعتبارات تخدم الجانبين اللبناني والفلسطيني وترفع بعض الإحراجات التي قد يتسبب بها خبر خروجه سالما غانما، وهو الذي يواجه قضائيا وأمنيا ملفات كثيرة في لبنان وأخرى لدى ابناء جلدته الفلسطينيين ومن بينهم خصومه اللدودين في حركة فتح.
يُجمع الكثيرون على ان مغادرة سليمان بغض النظر عن الطريقة والاسلوب، تصب في المصلحة العامة اللبنانية والفلسطينية، لا سيما بعد المواجهات التي خاضها مع حركة فتح، وأسفرت عن قتلى وجرحى وتهديد للأمن في المخيم وجواره اللبناني الذي مارس ضغوطا كبيرة باتجاه إنهاء هذه المواجهات والدفع نحو التسوية التي اشرف عليها حزب الله، بشكل مباشر.
لكن كيف ومتى خرج سليمان؟، والى أين توجه هو ومن معه؟، وهل انتهى دور أنصار الله عسكريا؟، يجيب مصدر مطلع على أجواء مخيم المية ومية بالقول: “إن سليمان تورط في الآونة الأخيرة بمواجهات عسكرية لم تكن من ضمن أولويات من يدعمه ويوفر له الغطاء، وهو خاضها مع حركة فتح بالنيابة عن طرف اخر لكنه أحرج الداعمين له، وفتح على نفسه باب جهنم حيث بدأت ملفاته الأمنية تفتح لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية التي باتت تملك ما يكفي من الأدلة عن تورطه في اغتيالات وتصفيات.
ويضيف المصدر: بعد مواجهات المية ومية ودخول قوى سياسية لبنانية على خط الأزمة ومطالبتها بانهاء الوضع ومن بينهم رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون بات البحث عن حل يجنب المخيم حمام دم ويمنع امتداد المواجهات الى مخيم عين الحلوة أمراً ضروريا خصوصا ان الجيش اللبناني كان تدخله عسكريا خيارا مطروحا.
ويتابع المصدر: بذل حزب الله جهودا مضنية لإيجاد الحل فعمل أولا على وقف المواجهات تمهيدا لإيجاد مخرج لهذه الأزمة، والتي كان الجانبين اللبناني والفلسطيني المتمثل بحركة فتح يصران على خروج سليمان من المخيم إذا تعذر تسليمه.
ويقول المصدر: ابلغ حزب الله من يعنيهم الأمر ان الأمور تتجه الى الحل الذي يرضي الجميع، لكن من غير المؤكد ان كان أي من الأطراف الآخرى على علم بتوقيت وآلية مغادرة أو هروب سليمان.
ويتابع المصدر: مساء الأحد الماضي جرى ترتيب عملية تسليم نائبه ماهر العويد إدارة شؤون تنظيم أنصار الله، قبل ان يختفي سليمان وعائلته حيث يرجح انهم غادروا فجر الاثنين أي قبل يوم من اعلان مغادرته، علما أن سليمان كان يصرّ على مغادرة لبنان، حيث من الصعب نقله الى مخيم اخر أو دخوله الى الضاحية الجنوبية، لذلك انتقل الى خارج لبنان وربما يكون في منطقة حدودية داخل سوريا كمحطة أولية لانتقاله الى أماكن أخرى وليس مستبعدا إيران التي قد يستقر فيها مع زوجاته، ثم يتوزع أولاده على دول أوروبية عبر تركيا في حال رغبوا في ذلك بعد استحالة عودتهم الى لبنان أو الرهان على استلام زمام التنظيم اقله في المدى المنظور.
ويختم المصدر: مع غياب سليمان واستلام نائبه العويد المعروف عنه بانه يعتمد على الأسلوب الدبلوماسي والسياسي وهو الذي كان تقدم باستقالته من منصبه قبل المواجهات الأخيرة وعاد بناء لطلب سليمان، يمكن اعتبار ان التنظيم فقد الزخم العسكري الذي اتسمت به مسيرته، وهو في طريقه ليتحول الى تنظيم سياسي لا سيما انه خسر قائدا تاريخه حافل بالعمل العسكري وهو اليوم في عهدة شخصية أخرى وفي ظروف سياسية مغايرة عن تلك التي أملت وجود أنصار الله.