ترأس رئيس تيار “الكرامة” النائب فيصل كرامي اللقاء التشاوري الطرابلسي دفاعا عن قضايا طرابلس وحقوقها، الذي عقد في قاعة دارة كرامي بطرابلس، وشارك فيه أعضاء لائحة “الكرامة الوطنية” للانتخابات النيابية الاخيرة ورؤساء الاتحادات والنقابات العمالية والهيئات السياسية والاقتصادية والتربوية والاهلية والحزبية وممثلون عن نقابات المهن الحرة وحشد من اهالي طرابلس.
بعد النشيد الوطني، قال منسق اللقاء التشاوري مسؤول “المؤتمر الشعبي اللبناني” في طرابلس المحامي عبدالناصر المصري: “تعاني طرابلس ومدن الفيحاء أبشع أنواع الظلم في ظل تقنين كهربائي قاس وانقطاع المياه منذ أسابيع عن أحياء كالتبانة والزاهرية وارتفاع نسب البطالة والفقر والتسرب المدرسي وركود اقتصادي مدمر، في ظل غياب المشاريع التنموية الحقيقية وبطء وفشل مشاريع مجلس الإنماء والاعمار من الارث الثقافي الى شبكة المجارير وصولا الى أوتستراد طرابلس البداوي. لقد تعرضت طرابلس خلال سنوات مضت لجولات عنف مفتعلة خدمة لأهداف سياسية سلطوية معروفة وقتل وجرح المئات وزج بالشباب في السجون، وطالبنا نحن في المؤتمر الشعبي اللبناني مع كل القوى السياسية والأهلية بإعلان طرابلس مدينة منكوبة ووضع خطة إنقاذية تنموية شاملة لها، ولكن الحكومات صمت آذانها وكأن شيئا لم يحصل في مدينتنا”.
وتابع: “بعد طول غياب، غط في طرابلس منذ يومين وبشكل مفاجىء، وفد مكلف من رئيس حكومة تصريف الأعمال، للاطلاع على حاجات المدينة وحسن سير تنفيذ المشاريع، فقام الوفد بزيارات شكلية أشبه بالسياحية تخللها وليمة غداء دعي اليها الضيوف على عجل. إن هذه الزيارة أكدت من جديد أن الاستخفاف بعقول الطرابلسيين ما زال مستمرا، وحتى لا نتهم بالتجني، لنتذكر أنه تم افتتاح محطة التكرير عام 2009 دون وصول المجارير اليها ودون أن تعمل حتى الآن، وافتتح جسر الكواليتي إن – البداوي أيضا دون أن تنتهي الأشغال فيه منذ 9 سنوات”.
وسأل: “هل يعقل أن الطبقة الحاكمة لم تسمع بمطالب تأهيل المعرض وترميمه وتأهيل المصفاة وتشغيلها ومطار القليعات وأهميته التنموية والمرفأ وحاجته للقرض الاسلامي الذي ساهموا بمنع اقراره في الجلسة النيابية الأخيرة حتى ترسل وفدا استطلاعيا؟ ألا يعلمون بكارثة الحفريات التي تشل طرابلس منذ سنوات وبأزمة السير الخانقة وحاجة المدينة للجسور والانفاق ومحطتي التسفير؟ ثم أليس رئيس الحكومة المكلف رئيسا لكتلة نيابية تضم نوابا طرابلسيين وأعضاء مجالس بلدية ومخاتير وحزبه ممسك بنقابات مهنية وعمالية وبمجلس الانماء والاعمار، فلم الحاجة لوفد جديد وولائم تكريمية؟”.
وختم المصري مشددا على ضرورة الاسراع في إنجاز كل المشاريع التي تحتاجها طرابلس.
من جهته أشار النائب كرامي الى أمرين حيث إعتبر أولا أن التهديدات التي اطلقها رئيس وزراء الكيان الصهيوني عبر منبر الامم المتحدة هي أشبه بإعلان حرب على لبنان، ونحن في الحقيقة لا نستبعد اي جنون اسرائيلي لكننا ندرك ان اسرائيل ستعد للألف قبل القيام بعمل عسكري تجاه لبنان. ومن هنا نخشى من لجوء العدو الى العمل الأمني الخبيث والاستثمار في بؤرة الفتن الطائفية والمذهبية، وهو ما يوجب علينا ان نكون يقظين طوال الوقت”.
ثم تطرق ثانيا الى طرح رئيس الجمهورية تأليف حكومة اكثرية في حال عجز الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة عن تأليف حكومة وحدة وطنية. ورأى انه طرح يهدف الى حث الرئيس المكلف والقوى السياسية على الاسراع في انجاز التشكيلة الحكومية، فنحن نعلم ولا شك ان فخامة الرئيس يعلم ايضا ان ما يحتاجه لبنان فعليا هو حكومة وحدة وطنية مع ضرورة اضافة صفة ثانية لها هي ان تكون انقاذية خصوصا وان التهديدات بالانهيار النقدي جدية، وفعليا فإن لبنان منهار على كل الصعد ولا يحتاج الامر سوى الى كبسة زر تطيح بكل الكيان.
وقال: “يؤسفني ان أقول ان تكوين كتلة نيابية طرابلسية ضاغطة تتحرر من ارتباطاتها السياسية في كل ما يخص المصالح الاساسية لطرابلس هو يكاد يكون امرا شبه مستحيل، اذ يبدو ان الارتباطات السياسية والطموحات الشخصية اقوى بكثير من هموم المدينة وناسها، اضف الى ذلك الكيديات السياسية التي لا أجد لها محلا من الاعراب ولا اريد تضييع الوقت فيها لأن الكارثة التي نواجهها في طرابلس لا تبرر لأحد ترف التسابق السياسي الذي يبدو بلا معنى”.
وتابع: “قلت خلال حملتي الانتخابية واكرر الآن، انني في اللحظة التي اشعر فيها بأنني حين اصطدم بواقع سياسي يعرقل الحلول الانقاذية لطرابلس، فإنني سأعود للناس وهذا ما افعله اليوم. ونحن كتيار سياسي لنا ملء الثقة بأن الناس تعرف مصالحها وتعرف مصائبها، وبالتالي لا مجال عندي للتذرع بأن عمل النائب هو التشريع ونقطة على السطر، ولا اخفيكم ان واجباتي كمواطن ومسؤولياتي كشخص لصيق بهموم الناس ومعاناتهم تسبق النيابة عندي. حين قلت ان العودة الى الناس هي عمليا استنفار الشارع والقوى الحية في المجتمع من اجل حراك يشبه الاستغاثة وقد يوصل الى الاضراب وربما الى العصيان المدني، فإنني لم اكن اطلق كلاما في الهواء، بل انطق بلسان وضمير انسان مقهور على مدينته، واعتقد بلا ادنى شك انكم جميعا مقهورون ومستاؤون وغاضبون”.
وقال كرامي: “نحن نعيش في هذه المدينة وكلنا نعرف واقعها وازماتها، وكلنا نعرف هموم وشجون الناس، ولكن من المفيد ايضا ان نستعين بالدراسات الاحصائية التي تظهر الفاجعة بالارقام بشكل تقريبي، لان الارقام الحقيقية هي حتما اعلى واكبر مما توصلت اليه هذه الدراسات. في آخر دراسة اجرتها وزارة الشؤون الإجتماعية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة حول طرابلس يتبين لنا الاتي:
أولا: ادنى مستوى للدخل الفردي في لبنان وانعدام في فرص العمل وانتشار البطالة، وبالارقام نسبة الفقر في طرابلس 68%، ونسبة البطالة 42%، ونسبة التسرب المدرسي 58%، و51% من سكان طرابلس لا يتجاوز مدخولهم اليومي 4 دولارات، و73% من عائلات المدينة ليس لديها تأمين صحي، و70% من السكان يشربون من مياه الشفه الملوثة، و20% من العائلات لا يمتلكون وسائل تدفئة وتبريد، و25% من العائلات يقل مدخولهم الشهري عن 500 دولار.
ثانيا: تردي الوضعين الصحي والبيئي. وهنا حدث ولا حرج، بدءا من مكب النفايات الذي اصبح لبنان كله بسبب نفاياته في المرتبة الاولى بين دول العالم في نسبة الامراض السرطانية، اذا بدءا بمكب النفايات المشؤوم وصولا الى عجز نسبة ضخمة من المواطنين عن دفع فاتورة الدواء والاستشفاء.
ثالثا: انخفاض مستوى مؤشرات التعليم، حيث تسجل طرابلس أعلى نسبة على مستوى لبنان في التسرب المدرسي، لدرجة ان بعض احياء التبانة تسجل رقما مخيفا وهو ان 50% من اطفالها لم يلتحقوا بالمدارس في التعليم الاساسي. كما تظهر الدراسة ان طرابلس تسجل أعلى مستوى للأمية في لبنان بين الرجال والنساء.
رابعا: أعلى نسبة لجرائم الأحداث في لبنان، إذ شكلت نسبة جرائم الأحداث في طرابلس 40% من مجمل جرائم الأحداث في لبنان.
خامسا: نسبة العمالة لدى الأطفال دون سن 18 عاما هي 13% في لبنان، ثلثهم في طرابلس.
سادسا: نسبة التسليف من القطاع المصرفي إلى القطاع الخاص في طرابلس هي في حدود 2% من مجمل حجمها في لبنان”.
أضاف: “نكتفي عند هذا الحد علما ان الخوض في مؤشرات البؤس والحرمان والتهميش والافقار في المجتمع الطرابلسي يحتاج الى مطولات، لدرجة يتساءل المرء كيف استطاعت طرابلس ابتكار معجزة البقاء والصبر على مدى سنوات؟ لكن السؤال العملي والمفيد هنا هو لماذا؟ نعم لماذا وصلنا الى هنا ومن هو المسؤول؟ يليه سؤال اكثر الحاحا: ما العمل؟ وما هي سبل الانقاذ؟ ومن هو المسؤول عن اجتراح هذا الانقاذ؟ الجواب على السؤالين واحد: الدولة، والحكومات المتعاقبة ووزراء ونواب المدينة السابقون واللاحقون”.
وتابع: “هذه المأساة تدفعني كي اتجنب اي اتهامات سياسية لا طائل منها وتوجيه الاصبع الى الدولة التي قصرت واهملت وارتكبت سواء عن سوء نية او بسبب عجزها او لأن احدا لم يحثها على القيام بواجباتها. لا يهم. نحن ابناء اليوم ونحن ابناء الدولة، وطرابلس هي العاصمة الثانية للبنان، وعليه نحن نتوجه الى الدولة عبر مؤسساتها الدستورية مطالبين بحقوقنا وابسطها حق البقاء على قيد الحياة وحق البقاء على قيد الكرامة والانسانية”.
وإذ دعا كرامي الدولي الى تفعيل مرافق طرابلس وإنجاز مشاريعها المعروفة، قال: “لن أتسرع اليوم بالدعوة الى تحرك شعبي، بل أعيد مد اليد الى الجميع من وزراء ونواب وفاعليات حتى اذا آن أوان الشارع وما ادراكم ما الشارع، لا يلومنا أحد اذ نكون قد استنفدنا كل الوسائل والسبل ولم يبق امامنا سوى الدفاع عن انفسنا بكل الطرق الشعبية التي يجيزها القانون والدستور. ولكن لتكن الخطوة الاولى كما أسلفت بادرة حسن نية من الدولة يتم البناء عليها والانتقال تدريجيا الى خطوات اخرى”.
أضاف: “اني اقترح ان نتكاتف معا لايجاد المخارج والحلول وان يكون تحركنا الاول باتجاه الدولة، وتحديدا الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس النيابي ورئيس حكومة تصريف الاعمال، وان نتوجه اليهم بورقة اولويات تضع بنودها لجنة منبثقة من هذا اللقاء. ولتكن هذه الخطوة اختبارا اخيرا نتدارس نتائجه ونبني على الشيء مقتضاه”.
كلمات
ثم تحدث رئيس اتحاد عمال الشمال شعبان بدرة، ممثل مجلس نقابة المحامين في طرابلس والشمال المحامي عبد السلام الخير، ممثل ادارة مرفأ طرابلس محمود خضر، امين صندوق الاتحاد العمالي شادي السيد، امين عام حركة “التوحيد الاسلامي” الشيخ بلال سعيد شعبان، رئيس جمعية “قلب كبير” الدكتور ربيع السباعي، ممثل “تجمع اللجان والروابط الشعبية” بسام مرحبا، رئيسة “تجمع سيدات الاعمال اللبنانيات” ليلى سلهب، رئيس تجمع “أمان” الدكتور محمد حزوري، رئيس “قدامى الكشافة” عصام دبوسي، رئيس “المركز اللبناني للتنمية” الدكتور عمر الحلوة، ممثل الحزب السوري الاجتماعي الدكتور عبر الرحمن قوطة، رئيس لجنة الدفاع عن المستأجرين غورينغ حموي، نقيب صناعة المفروشات الخشبية عبد الله حرب ورئيسة حزب 10452 رولا مراد، فعرضوا آراء واقتراحات بلورت اهداف اللقاء وعددت المطالب ونواحي الاهمال والتهميش.
وفي الختام، تم تحديد موعد للجنة المتابعة عند الخامسة والنصف من مساء الخميس المقبل في المكان نفسه.