هل اقتربت ولادة حكومة الحريري؟…عبدالكافي الصمد

أقل من 24 ساعة كانت كافية لضخّ الدم في مفاوضات ومشاورات تأليف الحكومة، وأسهمت في بث أجواء إيجابية كانت غائبة تماماً عن مختلف الأوساط، ما ترك إنطباعات واسعة بأن الضوء الأخضر قد أُعطي، ووضعت مسألة تأليف الحكومة على السكّة، بعد جمود ومراوحة إمتدا منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي.

الانفراج الذي شهدته الساحة العراقية أول من أمس، بانتخاب برهم صالح رئيساً للجمهورية، وتكليف عادل عبد المهدي تأليف الحكومة العراقية المقبلة، بعدما كان مجلس النواب العراقي قد انتخب محمد الحلبوسي رئيساً له في وقت سابق، ترك ارتياحاً في لبنان، وأوحى بأن التسوية التي حصلت في بلاد الرافدين في طريقها لتبصر النور في بلاد الأرز.

فاليوم الماراتوني الطويل الذي أخرج العراق من عنق الزجاجة، بعد جمود سياسي إمتد منذ الإنتخابات العراقية التي جرت في 12 أيار الماضي (بعد موعد الإنتخابات النيابية اللبنانية بإسبوع)، أثمر تسوية سياسية، كان أطرافها الرئيسيون إيران والسعودية والولايات المتحدة الأميركية، برزت في “تركيب” السلطة في العراق وجعل القوى الثلاث المؤثرة يخرجون بحدّ أدنى من الرضى بأن أحدهم لم يخسر، وأن الكلً تقريباً إعتبر نفسه رابحاً.

هذا السيناريو الذي أفرج عن الحكومة العراقية، جعل كثيرين يرون أنه في طريقه إلى لبنان، وأن ولادة حكومة الحريري لم تعد بعيدة، إنطلاقاً من أن توافق الدول الثلاث في بلد مهم وغني واستراتيجي في المنطقة كالعراق، أكثر بكثير من لبنان، يعني أن التسوية التي ولدت في بغداد بعسر شديد، ستكون ولادتها يسيرة في بيروت، وأن كلمة السر قد وصلت، وما على الأطراف المعنية إلا التقاطها والمسارعة للسير بها.

إذ لم يكد الدخان الأبيض يخرج من مجلس النواب العراقي في بغداد، إيذاناً بولادة التسوية فيه، حتى كان الحريري يصل على جناح السرعة إلى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو خامس لقاء معلن بين الرجلين، فضلاً عن لقاء سادس بقي غير معلن، منذ التكليف، من غير أي موعد مسبق أو أجواء سبقت اللقاء بين الرجلين ورجّحت حصوله، فضلاً عن تصريح مقتضب للحريري، على غير عادته، لكنه كان إيجابياً عندما قال إنه ″كان اتفاق مع فخامة الرئيس على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة بسبب الأوضاع الإقتصادية، على أن يكون هناك لقاء ثان مع رئيس الجمهورية. الأجواء إيجابية إن شاء الله، وأنا متفائل جداً″.

ومع أن الحريري لم يضف المزيد، داعياً إلى متابعته في إطلالته التلفزيونية اليوم على محطة ″إم. تي. في″، مع الزميل مارسيل غانم، فإن مصادر إعلامية، بعضها مقرب من الحريري نفسه، قالت إنه ″تم طرح صيغ حكومية بديلة ومعدلة″ في اللقاء، ما يعني أن الأطراف المعنية اللبنانية قد قامت بتقديم تنازلات، وأنها لم تعد متمسكة بشروطها ومطالبها، لأن شروط التسوية تفرض عليها ذلك، ولأن من لا يتنازل أو يرفض التسوية قد يجد نفسه خارج الحكومة، فقطار التسوية لن يتوقف، ومن لا يصعد به سيبقى على رصيف الإنتظار، أما إذا فكر بالوقوف في طريقه فإنه سيدهسه.

هي مسألة أيام فقط ليتبين بعدها الخيط الأبيض الحكومي من الخيط الأسود الذي قيّد مسألة تأليف الحكومة على مدى أكثر من أربعة أشهر ونيّف.


Post Author: SafirAlChamal