″علّي وخود جمهور″ هكذا يتصرف بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي فيرفعون الصوت سواء كانوا على حق أم على خطأ، كيف لا والبعض يصفق لهم ويدعمهم بحيث اصبح لهم جمهورهم الخاص وسط لغة انحدرت بشكل غير منطقي، فيما المطلوب بعض الاحترام للذات وللاخر وان اختلفت النظرة للامور.
وتقول المرشدة الاجتماعية السيدة بياريت مكاري يمين في حديث لـ ″سفير الشمال″ ان مواقع التواصل الاجتماعي باتت تعج بالفاظ وتجاوزات غير محمودة العواقب مع انحدار في لغة التخاطب الى ادنى مستوى دون احترام للاخر مهما علا شأنه، مشيرة إلى أن استمرار مثل هذه التجاوزات ستكون لها عواقب وخيمة في مجتمعنا.
وتلفت الى ان لغة التخاطب عبر مواقع التواصل لا تقتصر على الناشطين فقط بل هناك بعض السياسيين والعاملين في الحقل الاجتماعي والشأن العام لديهم مستوى متدن في التخاطب حتى عبر بعض المنابر الاعلامية، ما يدفع الى التساؤل حول ما اذا كان هناك نقص في التربية المدنية والثقافة المعرفية لدى هؤلاء، معتبرة ان ما يلفت النظر ان الاسفاف في الكلام بات ″تراند″ وكأن هناك من يرى انه كلما ارتفعت النبرة واستخدمت الكلمات البذيئة كلما حصد جهورا اكبر بمعنى ″علّي وخود جمهور″ وهذا امر خطير.
وترى يمين ان التكنولوجيا يجب ان تكون في خدمة الانسان وتطوره، لا ان تعيده الى العصر الحجري ولكن يبدو ان البعض يعيش فوضى اخلاقية وجهل في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي فباتت الصفحات وكأنها منبر اعلامي يستعملها المثقف والجاهل على حد سواء للتعبير عن رأيه وكل على طريقته فيما لا ميثاق شرف اخلاقي ولا ضوابط قانونية كتلك الموضوعة على وسائل الاعلام، معتبرة انه الى جانب اللغة البذيئة هناك صفحات وهمية تعمل للترويج لتيار او حزب ومهاجمة منافسه والتطاول عليه.
وتعتبر يمين ان نعمة الشبكة العنكبوتية تكاد تتحول الى نقمة وسط جهل لاخلاقيات استخدامها، كاشفة انه في الاساس يمنع على الاولاد في سن معينة فتح صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، الا ان لا احد يلتزم وهناك ملايين المتصفحين من اعمار متدنية يدخلون الى هذه المواقع وتتأثر تربيتهم بما يتابعونه من اخبار وبما يقرأون من شتائم وتعابير تخدش الحياء.
وتقول: ان هذه المواقع وجدت اصلا لتبادل المعلومات والتواصل ونشر الصور والالتقاء باصدقاء على الشبكة الافتراضية الا انها باتت اليوم خنادق ومتاريس يتراشق فيها الناشطون في الاحزاب والتيارات بالكلام الجارح وغير اللائق والذي يستدعي رفع الصوت من قبل المعنيين لوضع حد للمهاترات الجارية عبر هذه المواقع، معتبرة ان للجميع الحق في استغلال هذه الوسائل للتعبير عن رأيهم والدفاع عن معتقداتهم شرط ان يتم ذلك بمفردات لائقة لا بشتائم اولاد الشارع.
وترى ان بعض الاحزاب تشجع مناصريها على استخدام وسائل التواصل لا بل تعمل على مأسسة جيشها الالكتروني، وهذا مفيد شرط ان لا تشكل منصة لشتم الاخر والتطاول عليه معتبرة انه على الدولة ان تتحرك في هذا الاطار والا سنكون امام كارثة وقد لا تبقى الامور محصورة بالعالم الافتراضي بل تتخطاه الى الواقع لاسيما اذا كان المتخاصمون ينشرون باسماء غير وهمية مشيرة الى ان الابشع ان بعض السفهاء باتوا يعتبرون انفسهم نجوما ويجدون من يشجعهم على تقديم المزيد.
وتوضح يمين ختاما انه في جولة بسيطة على هذه المواقع نجد ان من نتحدث عنهم يكتبون بلغة ركيكة ومليئة بالاخطاء اللغوية وان ذروة التجييش تتم بين مناصرين لاحزاب متنافسة حيث يدلو كل بدلوه باسلوب بعيد عن القيم الاخلاقية دون حسيب او رقيب وفي غياب الوعي اللازم لمقتضيات استخدام هذه الوسائط الاجتماعية التي تحتاج اقله الى رقابة ذاتية لحماية مجتمعنا من هذه الفوضى العارمة والتطرف المقيت.