عقد رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي مؤتمرا صحافيا في دارته في طرابلس، استعرض فيه ما جرى خلال الجلسة التشريعية امس وتطيير القرض المخصص لمرفأ طرابلس الى جلسة اخرى، وقال كرامي: “غاية هذا الموتمر هي وضع الرأي العام اللبناني وأهالي طرابلس على وجه الخصوص في الصورة الدقيقة لما جرى أمس في ختام الجلسة التشريعية في مجلس النواب والتي انفضّت قبل الموعد الرسمي بأربع ساعات وتحديداً في اللحظة التي طُرح فيها البند المتعلّق بالموافقة على قرض البنك الاسلامي للتنمية المخصّص لتأهيل وتوسعة مرفأ طرابلس والذي تبلغ قيمته 86 مليون دولار بفائدة ميّسرة.
هذا القرض عمره اكثر من سنة ونصف السنة، وقد مرّ عبر اللجان النيابية المختصّة بدءاً من لجنة الاشغال العامة وصولاً الى لجنة شؤون الخارجية والمغتربين والتي كان لديها اتجاه لرفض هذا القرض بحجة الأولويات وعدم تحميل خزينة الدولة عبء قروض جديدة، وصرّحت يومذاك بأنني كنائب عن طرابلس أخالف هذا الرأي، وبأنني سأحضر اجتماعات اللجنة علماً انني لست عضواً في اية لجنة برلمانية، لاقناع الزملاء بأهمية وضرورة الموافقة على هذا القرض، وبالفعل حضرت الاجتماع الاخير للجنة وحضر الرفيق في كتلة الكرامة الوطنية النائب جهاد الصمد وكذلك حضر الزميلان في كتلة العزم النائبان نقولا نحاس وعلي درويش، ونجحنا في اقناع اللجنة بصوابية الموافقة على القرض.
وكانت الخطوة الثانية الضرورية هي اجراء الاتصالات اللازمة مع العديد من الأصدقاء وخصوصاً مع دولة الرئيس نبيه برّي لادراج مشروع قانون الموافقة على القرض في جدول اعمال الجلسة التشريعية وهو ما تفهمّه الرئيس بري مشكوراً وأدرجه ضمن جدول الاعمال.
واضاف: فوجئنا بالأمس لحظة طرح هذا البند على الهيئة العامة بمداخلة من وزير الصحة للمطالبة بتمويل وزارته بما يلزم لشراء أدوية الامراض المزمنة، وكان الردّ عليه بأن هذا الأمر غير وارد في جدول الأعمال، مما دفع نواب القوات للانسحاب من الجلسة، ومع تأكيدنا بأن مطلب وزير الصحة محقّ ومهم الا اننا لا نرى انه يبرّر انسحاب كتلة القوات، ونضيف الى ذلك ارتيابُنا المشروع في توقيت الطرح وتوقيت الانسحاب، والله أعلم بما في الصدور. ثم ما لبثت ان سارعت كتلة المستقبل بالانسحاب بدورها، وتمّ رفع الجلسة وطار القرض”.
اضاف :” هنا اتساءل ما هي مبررات كتلة المستقبل للانسحاب من الجلسة في حال اعتبرنا ان خوف وزير الصحة على مرضى السرطان ادّى الى غضب كتلة القوات وانسحابها؟ هل حقاً ترى كتلة المستقبل ان الانسحاب المفتعل الذي قامت به يخدم المصلحة العامة ومشاريع طرابلس لاسيما ان التسريبات قد وصلت الى الجميع بأن كتلة المستقبل كانت بالأساس عازمة على الانسحاب عند الوصول الى البند السابع عشر المتعلق باقرار حقوق الاساتذة المتعاقدين والذي يتم تدارسه منذ 16 سنة؟ كان ابسط واجبات كتلة المستقبل ان تحافظ على انعقاد الجلسة التشريعية دون استعمال هذه السلوكيات الملتوية التي لا تليق بتيار سياسي يطرح نفسه قوة انقاذية واصلاحية واعمارية في الدولة. لا بدّ من الاشارة بأن رفع الجلسة لم يتم بسبب عدم اكتمال النصاب، اذ كان هناك في القاعة 67 نائباً، ولكن رئاسة المجلس عملت بما يمليه عليها الاتفاق بأن تكون الجلسة التشريعية بموافقة كل الكتل النيابية الكبرى في البرلمان، وبالتالي اعتبرت ان التوافق لم يعد قائماً مع انسحاب كتلتي المستقبل والقوات. وخصوصاً وأن المحضر لا يغلق الا بوجود النصاب القانوني”.
وتابع كرامي: “عليه، وبصفتي مواطن لبناني طرابلسي اولاً، ونائب عن طرابلس ثانياً، اعتبر ان ما جرى هو جريمة اضافية بحق طرابلس واهلها، وان ما سهّل الاستهتار والاستخفاف بحقوق هذه المدينة على مدى سنوات طويلة وتكرر بالامس هو غياب المرجعية السياسية بعد ان جرى خطف المدينة سياسياً ونيابياً ووزارياً، ولا نجد اي سبب يبرر حرمان طرابلس من هذا القرض الميّسر والمنتج والذي يمكن تصنيفه ضمن القروض الاستثمارية سوى الامعان في سياسة افقار المدينة وتجويعها وربما معاقبتها على نتائج الانتخابات الاخيرة. ورغم اقتناعي بأن عدد لا بأس به من القوانين التي أقرت كانت في مصلحة اللبنانيين ابرزها على سبيل المثال قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي، قانون الوساطة القضائية وإقتراحي القانونين المتعلقين بحماية كاشفي الفساد ومكافحة الفساد في عقود النفط و الغاز، وقانون تعديل المرسوم الاشتراعي لنظام الشركات المحصور نشاطها خارج لبنان، بالاضافة الى اقرار قانون دعم فوائد القروض الممنوحة من قبل المؤسسة العامة للاسكان، الّا ان عدداً لا بأس به من المشاريع التي لم يتم اقرارها كانت ضرورية وملّحة وتنطبق عليها صفة تشريع الضرورة ابرزها على سبيل المثال تعديل القانون المتعلق باصول تعيين في وظيفة استاذ ثانوي في الثانويات الرسمية، وقانون منح الاساتذة في ملاك المدارس الخاصة للتعليم العام ما قبل الجامعي من حملة الشهادات الجامعية لنفس حقوق حملة الاجازات التعليمية، بالاضافة الى قانون تسوية اوضاع رتباء وعرفاء وخفراء في الضابطة الجمركية”.
وتابع :”مع احترامي لكل اطروحات الرئيس المكلّف والقوى الداعمة له حول قروض مؤتمر سيدر التي يبشرنا باعاجيبها في احياء الموتى وتحويل البلد الى سويسرا، الّا ان قرض البنك الاسلامي للتنمية المخصّص لتأهيل وتوسعة مرفأ طرابلس اهم من كل قروض سيدر ليس بالنسبة الى طرابلس فقط، بل الى كل لبنان، لأنه القرض الوحيد غير المشروط، والذي لم تدخل اليه بعد السمسرات والمحاصصات، ونحن نحمّل نواب كتلة المستقبل مسؤولية هذا السلوك العدائي تجاه طرابلس ومصلحة ابنائها. وما لفتنا هو عدم حضور الرئيس المكلّف الجلسة المسائية”!
وقال كرامي: “من المريع فعلاً ان نكتشف ان تشريع الضرورة الذي توافقت عليه القوى المتنازعة على تشكيل الحكومة لم يكن تشريع ضرورة ونقطة على السطر، بل يصحّ وصفه بتشريع الضرورة كغطاء لتشريع تسريع الصفقات. ومن المريع ايضا ان نستمرُ في دفع كل هذه الاكلاف الباهظة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لشراء التوافق والديمقراطية التوافقية والميثاقية والاستقرار والعيش المشترك، بل إن هذه القيم الرفيعة لا تمت بصلة الى توافق هذه الطبقة السياسية التي لا تفهم من التوافق سوى الهدر والسكوت عن الهدر والنهب والسكوت عن النهب والهدر والنهب والمشاركة بهما والسكوت عنهما. وبالمناسبة، اقترح مصطلحاً جديداً وهو التشريع بالتراضي لكي تكتمل الكارثة.
وختم كرامي: ماذا تتوقعون من الناس والى متى تراهنون على صبر ابناء طرابلس؟، والى اي درجة تتوقعون ان الخطاب المذهبي والغرائزي الخبيث سينجح في امتصاص غضب الشارع؟ اوتعلمون ان هذا الشارع هو شارع فقراء يموتون الف ميتة في اليوم لتأمين لقمة العيش وقسط المدرسة وثمن الدواء؟
هل تعلمون ايها السادة ان المياه مقطوعة على الدوام عن مناطق كاملة في طرابلس كالتبانة والزاهرية وغيرها، بالاضافة الى الكهرباء الجرح النازف في طرابلس؟ والحقيقة اننا كنّا نتدارس مع بعض القوى السياسية والاهلية حول الخطوات الانسب للتخفيف من الازمة المعيشية، وقد استمهلنا هذه القوى الناشطة مستبشرين بالجلسة التشريعية وما قد يصدر عنها، وعندئذ نبني على الشيء مقتضاه. نحن الآن بصدد عقد لقاء تشاوري طارئ يُعلَن عن موعده خلال يومين مؤكدّين لمن وضعوا ثقتهم بنا بأننا لن نقصّر في المواجهة تحت سقف القانون، وبأن حقوقهم لن تأخذ منهم بالحيلة والتلاعب والاستخفاف، الى هنا ينتهي حديث اليوم، ويبدأ حديث الغد”.
حوار
ثم دار حوار مع الاعلاميين، فقال كرامي، ردّاً على سؤال حول تبرئة اللواء أشرف ريفي لسمير جعجع في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي : “نحن قلنا مراراً وتكراراً أن هذا الموضوع قضائي بامتياز، ومن لديه معلومات فليذهب إلى القضاء وإلا سيكون شريكاً في اغتيال الرئيس رشيد كرامي، والإفراج عن سمير جعجع تمّ بعفو وليس ببراءة وهذا الحكم القضائي كافٍ لإدانته”.
ثمّ أجاب كرامي عن سؤال حول الحكومة وحصة التكتل الوطني كتكتل مستقل في الحكومة، فأجاب: “هناك معادلة واضحة هي حكومة الوحدة الوطنية التي أعلنها الرئيس المكلف بلسانه، وما نسمعه لا يبشر بالخير لذلك ما زلنا نصرّ أنه حين كان تيار المستقبل يحتكر التمثيل السني، رضينا بالواقع ولم يعترض احد على تسميته لرئاسة الحمومة أما اليوم فالطائفة ممثلة بنواب من خارج التيار ويحق لهذه الفئة ان تتمثل في حكومة الوحدة الوطنية ولكن حتى هذه اللحظة رغم الاحتضان الذي شهدناه بالأمس للرئيس الحريري، أنا مصرّ أنّ العقدة خارجية وهذا سيؤثر على تشكيل الحكومة، وسينزل السقف، ومن كان يطالب بخمس وزارات سيكتفي بأربعة ومن كان يطالب بحقيبتين سيكتفي بواحدة، وأنا قلت لا حكومة قبل آخر تشرين، وآخر تشرين عالأبواب”.
ورداً على سؤال حول القرض المخصص للمرفأ إن كان قد سقط كليا ام لا، أجاب كرامي: ” أن بند القرض لم يسقط ولكن سيطالب بوضعه كبند أول في الجلسات المقبلة، وقد أجرى عدة اتصالات بأطراف سياسية وأهلية للضغط لأخذ هذا القرض، رغم انه لم يكن هناك عذر بالأمس لتطيير بند القرض، الا تطيير الجلسة، وهذا يعود لفقدان هيبة طرابلس ومرجعيتها وأنا ألوم نواب المدينة الذين لم يحضروا الجلسة، لأنهم لو حضروا لشكلوا ضغطاً قويا من أجل مدينتهم”.
في الختام، سئل كرامي عن الجهات المرتهنة للخارج التي تعطل البلد في حين ان الهيئات الاقتصادية ايضاً دعت لإضراب وهذا سيؤدي لشلل تام في البلد، أجاب كرامي:” كل الرهانات التي راهنوها منذ عشرات السنين على الخارج سقطت، وبالأمس طمأن رئيس الحكومة المكلف اللبنانيين ولكن حين خرجنا وجدنا ان الواقع مختلف كلياً، والوضع الاقتصادي ليس بخير والمؤشرات الاقتصادية لا تبشر بالخير، والدليل اننا نستدين لنتطبب ونستدين للسكن ولكل شيء، مهما اختلفت الفوائد، لذلك يجب ان تتشكل الحكومة بأسرع وقت رغم علمنا ان هذه الطبقة السياسية تستخف بقضايا الناس وقد شاهدنا بالأمس كيف تتصرف فيما يخص قضاياهم”.
يذكر انه يصادف اليوم عيد ميلاد النائب كرامي، حيث فاجئه موظفو مكتبه الاعلامي بتحضير قالب حلوى، قطعه كرامي وسط جمع من الاعلاميين الطرابلسيين ومندوبي وسائل الاعلام.