في الوقت الذي اكتشفت فيه معظم الدول المتطورة اهمية الجيوش الالكترونية وتنظيمها لمصلحة البلد، ظهرت في بلدنا جيوش الكترونية لا صلة لها بالدولة بأي شكل من الاشكال، اذ بات لكل حزب جيشه الالكتروني، منه االمنظم ومنه العشوائي حيث يعمل كل متطوع فيه على هواه.
في تعريف الجيوش الالكترونية ورد انها مجموعة من الأشخاص يعملون وفق أجندة خاصة عن طريق إنشاء حسابات بأسماء وهمية ويدعمون “هاشتاغات” معينة لإيصالها إلى المراتب الأولى، ويخترقون مواقع إلكترونية لشخصيات ومؤسسات ودول.
الجيوش الالكترونية هم مجموعات مدربة تعمل للترويج لوجهة نظر معينة عبر مختلف منصات الإنترنت وإسكات المناوئين، وتروج بعضها الشائعات والأكاذيب، وخلق البلبلة والتبليغ عن حسابات شخصيات ومؤسسات لإيقافها نهائياً، ولا تكاد تترك منتديات أو نقاشات أو تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع الإلكترونية إلا ودخلت إليها للدفاع عن وجهة النظر التي يتبناها كل جيش، ونشر كل ما يربك رؤية الناس وتوجههم باتجاه معين.
هناك الجيش الالكنروني السوري والجيش الالكتروني السعودي وللصين ايضا جيشها الالكتروني وكذلك المانيا انشأت جيشها الالكتروني وكل هذه الجيوش الناشطة على الشبكة العنكبوتية تصب في مصلحة بلدانها والدفاع عن امنها، فيما عندنا في لبنان ليس للدولة جيشها الالكتروني بل هذه الجيوش وما اكثرها تنتمي للاحزاب والتيارات وتحرص على متابعة ورصد كل ما ينشر عبر الانترنت للدفاع عن وجهة نظر الحزب او التيار الذي تنتمي اليه وذلك بكل الوسائل المتاحة سواء بالحجة والبرهان او بالسباب والشتائم والقدح والذم وشرشحة الخصم وإختلاق الروايات.
لا تكاد تختلف وسائل عمل الجيوش الإلكترونية بين حزب واخر الا بمقدار التنظيم والاموال المرصودة لكل جيش حتى يتمكن من الاستمرار ما ادى الى نقل الصراعات إلى العالم الافتراضي الذي بات متفلت الحدود وخارج عن القوننة متجاوزا كل حدود اللياقة في التخاطب وذلك بسبب امكانية اخفاء هوية الكاتب واستعمال اسماء مستعارة وحسابات وهمية.
في العالم الافتراضي المساحة مفتوحة بالتساوي للمثقف والاقل علما وحتى للجاهل ومنصات التواصل الاجتماعي متاحة للجميع لاسيما “تويتر” و”فايسبوك” التي يبدو ان الناشطين عليها تخطوا كل حد في تغريداتهم وتعليقاتهم واساليب ردهم على الخصم، ما يدفع الى طرح الصوت عاليا تخوفا من انتقال المعارك الافتراضية بفضل الاحتقان والتشنج ورفع السقوف الى معارك حقيقية تعيدنا الى زمن لا يريد من يملك ذرة من العقل العودة اليه، لاسيما ان بعض الناشطين في صفوف بعض الجيوش الالكترونية يتفننون في اللعب على الوتر الطائفي ويستحضرون خطابا تشنجيا لا يخدم الا من يرغب في اعادة عقارب الزمن الى الوراء.
فهل حان الوقت للمطالبة بسن قوانين صارمة ضد من يتجاوز الحدود الاخلاقية؟ ام ان هناك من يريد ترك الامور على غاربها عسى ولعل يحقق اجندة خاصة به ستغرق البلد بأكمله في أتون الانفعالات والانفعالات المضادة لاسيما ان استخدام منصات التواصل الاجتماعي من طرف الجيوش الإلكترونية لا يسعى فقط للاختراق أو التشويش على آراء الخصوم وتشويه سمعتهم، بل يتجاوزه إلى دفع الخصم إلى الصمت بأي وسيلة، والباسه اتهامات ربما تكون صحيحة او مفبركة.