لم ينتظر كثيرون من اهالي الطلاب في المدارس الخاصة قرار ادارة المدارس في ما خص الزيادة على الاقساط المفترضة، فالغالبية منهم حسموا خياراتهم ربما منذ إنتهاء العام الدراسي الماضي، وبدأوا يعدون العدة لنقل أولادهم الى المدارس الرسمية، ومنهم من توجه الى مدارس أقل كلفة مالية، ليس بحثا عن مستوى تعليمي أفضل وإنما للتوفير، والرهان على استفاقة الدولة لتحسين آداء المدارس الرسمية وتغيير نظرة المواطنين اليها.
ربما كان الامر متوقعا للبعض ان تحصل عملية نزوح للطلاب من المدارس الخاصة الى الرسمية انطلاقا من واقع اقتصادي صعب تعيشه شريحة كبيرة من اللبنانيين بسبب سياسات الحكومة وغياب فرص العمل والمنافسة غير المشروعة للعمال الأجانب، لكن ما لم يكن متوقعا هو هذا العدد الكبير الذي بدأ الحديث عنه في الأوساط التربوية، التي رجحت ان يصل عدد الطلاب ″النازحين″ الى أكثر من ٢٠ في المئة، ومعظمهم في المراحل الابتدائية.
وإذا كانت بعض إدارات المدارس الخاصة قد استشعرت حصول موجة النزوح منذ العام الماضي، وبدأت اعتماد سياسات ″ترغيبية″ من خلال تقديم تسهيلات لدفع الاقساط وعرض حسومات، في حال كان في المدرسة اكثر من تلميذ للعائلة الواحدة، فضلا عن حملات دعائية غير مسبوقة لجأت اليها بعض المدارس، الا ان ذلك لم يجد نفعا ولم يشكل عامل جذب او يردع الأهالي عن قرارهم الذي اتخذوه، لأن ″وضع اولادنا في المدارس الرسمية على مساوئها أهون علينا من الاستدانة لتعليمهم في المدارس الخاصة، التي تحولت الى تجارة، خصوصا في ما خص الكتب التي يتم اختيار الاغلى منها ثمنا للاستفادة من دور النشر وتحقيق مكاسب مالية إضافية على حساب الاهالي″.
يحاول بعض الأهالي اعتماد سياسة تعتمد على حصر الأضرار، فتوجهوا الى مدارس خاصة انتشرت في السنوات الماضية، وهي تقدم أسعارا تنافسية مع مثيلاتها، وبدأت تستقطب الطلاب على حساب مدارس عريقة، بغض النظر عن رأي البعض في تفاوت مستوى التعليم، كون كل المدارس الخاصة مستواها متقارب والفرق الوحيد هو الاسم الذي تحمله كل مدرسة وتاريخ نشأتها.
وبالتزامن تشهد المكتبات حركة اقبال منذ ثالث ايام عيد الاضحى المبارك، الذي برأي كثيرين قد خطف الهم الاقتصادي والمدارس بهجته، وتحولت ايضا “العيدية” الى عامل مساعد للاهالي في اختيار الاطفال لبعض المستلزمات الدراسية البسيطة، بدلا من اهدار الاموال التي بحوزتهم على شراء الالعاب، كما هو معتاد.
في هذه المكتبات يبدو حديث الاهالي أشبه بصرخة من الغلاء المستشري ومن عدم قدرة الغالبية منهم على شراء كل الاحتياجات المطلوبة، بسبب غلاء بعض الكتب وعدم وجود رقابة عليها من قبل وزارة التربية.
لا شك في أن هذا المشهد يعكس الواقع، قبل ايام من انطلاق العام الدراسي في غالبية المدارس، والذي على ما يبدو سيشهد تاخيرا في التحاق قسم من الطلاب او سيشهد تقصيرا من بعضهم في تامين كل ما يلزمه من احتياجات، بحسب ما اوضح عدد من اصحاب المكتبات، الذين اكدوا ان الاهالي يأتون الى المكتبات للسؤال عن الاسعار، او يشترون بعض الكتب ويطلبون حجز الكتب الاخرى للاسبوع المقبل او حتى نهاية الشهر.