جدار أزمة الحكومة يرتفع.. هل يعتذر الحريري؟… عبد الكافي الصمد

كان صادماً ومفاجئاً ما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في حديث صحافي نُشر صبيحة اليوم الأول من عيد الأضحى، حول الرئيس سعد الحريري، بما يخصّ مراحل تأليفه الحكومة التي كُلّف بتشكيلها من قبل 111 نائب في 24 أيار الماضي، وهو تكليف ما يزال يراوح مكانه.

فطيلة الأيام الـ 90 التي قضاها الرئيس المكلف محاولاً تأليف الحكومة، أمضى قسماً منها خارج لبنان سواء في زيارات رسمية أو خاصة، ولقائه رئيس الجمهورية 4 مرات خلال هذه الفترة، تبين وفق عون أنه خلافاً لما تردّد من أن الرئيس المكلف سلم إليه مسودتيّ حكومتين من 24 وزيراً و30 وزيراً، فإن الحريري سلمه فقط مسودة واحدة، هي توزيع الحصص على الفرقاء المشاركين في الحكومة. وهذه ليست تشكيلة حكومية في أي حال. وكان ردّ رئيس الجمهورية له أنه معنّي بالتشكيلة الحكومية مكتملة.

واللافت ما كشفه عون في حديثه الصحافي من أنه سأل الحريري أكثر من مرّة إن كان هناك من عقبات لمساعدته في تذليلها، فكان ردّ الحريري النفي. لا بل أكثر من ذلك، فقد ذهب عون إلى حدّ دعوة الحريري لتأليف الحكومة ″التي يريدها هو. لكن ليؤلفها كي ننتهي″.

كلام عون فرض طرح تساؤلات عدة، أبرزها ماذا كان يفعل الرئيس المكلف إذاً طيلة هذه الفترة، وهل كان كلامه عن ″معايير″ تمثيل القوى السياسية في الحكومة مضيعة للوقت، وملهاة لتحويل الأنظار عن الأسباب الفعلية التي تقف حجر عثرة في طريق تأليف الحكومة، وكيف يمكن تفسير كلامه ومواقفه طيلة الفترة السابقة عن وجود عقبات تعترضه في تشكيل الحكومة، بينما هو يقول لرئيس الجمهورية، الذي هو شريكه الدستوري الوحيد في تشكيل الحكومة، أنه لا توجد أية عقبات؟!

من راقب الرئيس المكلف طيلة الأيام التي تلت تكليفه، وتابع لقاءاته ومواقفه وحركته وجد نفسه مجبراً على طرح سؤالين: الأول هل أن الحريري لا يريد تأليف الحكومة؟، والثاني هل أن الحريري يريد تأليفها ولكنه لا يستطيع؟ وهما سؤالين تضاربت الأجوبة حولهما إلى حدّ التناقض.

خلال هذه الفترة كان كلام كثير يُقال، وصل إلى حدّ الإتهامات، عن أن أيّ تأخير في تأليف الحكومة هو إجهاض لعهد عون، ومحاولة لضربه، وأن أطرافاً داخلية تتعاون مع أخرى من خارج لبنان تعمل على ذلك؛ إلا أن ما غاب عن بال هؤلاء هو أن هذا التأخير في التأليف يعتبر ضربة للحريري وفريقه السياسي، وأنه يُظهر الرئيس المكلف وحلفائه في موقفين لا يحسدان عليهما: إمّا غير قادرين وإما معرقلين لتأليف الحكومة، وفي الحالتين فإن هناك ثمناً سياسياً لا بدّ أن يدفعانه إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه.

هذا الوضع المأزوم حكومياً دفع عون إلى توجيه تحذير غير مباشر للرئيس المكلف مفاده أن مهلة تأليف الحكومة المعطاة له ″ليست مفتوحة، وليس لأي أحد أن يضع البلاد برمتها رهينة عنده ويعطلها″، مضيفاً أنه ″سأنتظر حتى الأول من أيلول فقط. بعد ذلك سنتكلم. نعم سنتكلم″.

هذه الأزمة بدأت القوى السياسية تتنبه لها وتدرك خطورتها، وآخرهم كان ″التكتل الوطني″، الذي حذر خلال لقائه أول من أمس بدارة النائب فريد هيكل الخازن في القليعات (كسروان)، أن ″أزمة تشكيل الحكومة بدأت تتحول، بفعل نتائجها الكارثية، من أزمة تشكيل إلى أزمة وطنية على وشك أن تدخل البلاد في نفق مظلم لا تعرف نهايته″، تلاه موقف اللقاء التشاوري لستّة نوّاب سنّة خارج تيار المستقبل إجتمعوا في دارة الرئيس عمر كرامي في بيروت، ورأوا أن ″تطويل الأزمة يعرض البلاد لأزمة وطنية كبرى″.

كل ذلك يأتي وسط دعوات علنية بدأت توجه للحريري تدعوه فيها لتقديم الإعتذار عن تأليف الحكومة، ما دام غير قادر على تأليفها، وهو أمر إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على حجم الأزمة التي أدخل الحريري نفسه ولبنان بها. فماذا سيفعل، وما هو الخيار الذي سيُقدم عليه؟..

مواضيع ذات صلة:

  1. من يُنزل الحريري عن الشّجرة؟… عبد الكافي الصمد

  2. هل طلب الحريري وساطة فرنسية لدى السّعودية لتسهيل تأليف الحكومة؟…عبد الكافي الصمد

  3. الحريري ينتظر ″غودو″: هل تأتي ″سين ـ سين″ جديدة لمساعدته؟…عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal