بات معروفا أنه عندما راجع موفد الرئيس نجيب ميقاتي وزير الطاقة سيزار أبي خليل بعد تشكيل الحكومة مباشرة بشأن ملف شركة ″نور الفيحاء″ المستوفي الشروط القانونية والفنية بهدف الافراج عنه والترخيص للشركة لانارة طرابلس وجوارها 24 على 24 ساعة في عضون تسعة أشهر وبسعر أقل من سعر الدولة بعشرين بالمئة.. قال أبي خليل للموفد: ″بكل صراحة القضية ليست فنية ولا قانونية، بل هي سياسية، لذلك راجعوا الوزير جبران باسيل″.
ناقض الوزير أبي خليل كلامه، عندما إفترى على الرئيس ميقاتي في مقابلة على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال(LBC) بأنه يريد أن ″نمنحه عقدا بالتراضي بدون دفتر شروط أو مناقصة وهذا مخالف للقانون″.
كلام أبي خليل ″الكيدي″ لم يقنع أحدا، حيث يعلم القاصي والداني بأن ″نور الفيحاء″ قدمت إقتراحا وطالبت الحكومة بفتح باب المناقصات أمام من يشاء، كما أعلن الرئيس ميقاتي ذلك مرارا وتكرارا، مؤكدا أن ″الهدف هو تأمين التيار الكهربائي لطرابلس بأي وسيلة وعبر أي جهة″، كما أبلغ ميقاتي ذلك شخصيا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وطرح الموضوع على منبر مجلس النواب خلال جلسة مناقشة الحكومة، فأعلن صراحة أن ″العرقلة هي سياسية″، تاركا الأمر الى رئيس الحكومة سعد الحريري، لأن ″السياسة هي العناية بالمصلحة العامة ومصلحة كل الناس، وعندما تأتي الكهرباء 24 ساعة في طرابلس لا تميز بالسياسة بين بيت وبيت أو بين شخص وشخص″.
كل ذلك يُثبت بما لا يدعو الى الشك، بأن ثمة قرار سياسي واضح يقضي بعدم تمكين طرابلس من الحصول على الاكتفاء الكهربائي، وأن هذا القرار ينطلق من تصفية الحساب مع الرئيس نجيب ميقاتي صاحب الفكرة والمبادرة والمساهم الأساسي في المشروع، ويصل الى معاقبة طرابلس على موقفها السياسي أولا، وثانيا على محبتها للرئيس ميقاتي وإلتزامها معه وهو أمر ظهر جليا في الانتخابات النيابية الأخيرة حيث منحت طرابلس أكبر عدد من الاصوات التفضيلية السنية لميقاتي في كل لبنان، وأعطته كتلة متنوعة من أربعة نواب.
ولا شك في أن نتائج الانتخابات الأخيرة التي جعلت ميقاتي يقف على أرضية سنية ووطنية صلبة، عززت شرعيته في الدفاع عن الطائفة وعن مواقعها لا سيما رئاسة الحكومة وصلاحيات رئيسها، وإتفاق الطائف الذي يكرس هذه الصلاحيات، حيث بات ميقاتي يشكل خط الدفاع الأول عن هذه الثوابت وعن الدستور، خصوصا مع تأكيده الدائم بالوقوف الى جانب رئيس الحكومة المكلف لاتمام مهمته في تشكيل الحكومة المنوطة به شخصيا بالتشاور مع رئيس الجمهورية، الأمر الذي يثير حفيظة كثير من التيارات السياسية التي تحاول الاستفراد بالرئيس المكلف وسحب بعض صلاحياته لمصلحتها، ويدفعها بالتالي الى شن حرب شعواء على الرئيس ميقاتي في أكثر من إتجاه، منها محاولة منعه من تأمين التيار الكهربائي لمدينته، بالرغم من أن هذا الأمر هو من أبسط حقوق طرابلس على الدولة التي تسعى وراء البواخر التركية لتأمين التيار الكهربائي لبعض المناطق المحظية ولتحقيق بعض المكاسب الشخصية، وتغض الطرف عن رأسمال وطني بقيمة ربع مليار دولار، عائد لـ ″نور الفيحاء″.
يدرك كثير من أبناء طرابلس اليوم أنهم يتجهون لخوض معركة كرامة مدينتهم التي تريد بعض التيارات السياسية حرمانها من التيار الكهربائي، في وقت بدأت فيه كتلة ″الوسط المستقل″ برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي تتحول الى قوة طرابلسية ضاغطة تسعى لانتزاع مطالب وحقوق الفيحاء، وتستند بذلك الى قاعدة شعبية أفقية تدعمها، وربما تدفعها في الأيام المقبلة الى إتخاذ مواقف أكثر تصلبا وتصعيدا، وعندها سيكون على الدولة مجتمعة أن تحذر من غضب طرابلس.
مواضيع ذات صلة:
-
من يقف وراء الحملة المبرمجة على الرئيس نجيب ميقاتي؟… غسان ريفي
-
ميقاتي يدفع ثمن حماية الطائف.. وصلاحيات رئاسة الحكومة؟… غسان ريفي