من هم المتورطون بتلويث هواء طرابلس.. وأين الجهات المعنية؟… عمر ابراهيم

كأن طرابلس لا يكفيها ما تعانيه من تداعيات مكب النفايات على صحة القاطنين فيها، حتى يضاف اليه تلوث من نوع آخر ناتج عن عمليات احراق الاطارات، ما يضاعف من بث السموم ومخاطرها، ويضع أجهزة الدولة ومؤسساتها في موضع المتفرج او بصفة ″شاهد″ على الانتهاكات البيئية الحاصلة، رغم القرارات التي تصدر من وقت لاخر من قبل الجهات المعنية وعلى راسها محافظ الشمال رمزي نهرا، من دون ان تاخذ طريقها الى التنفيذ الفعلي.

لم تعد عمليات إحراق الاطارات في بساتين طرابلس، مجرد أعمال تخريب عشوائية يقوم بها عدد من الصبية أو الشبان، من دون إدراك لانعكاساتها السلبية على بيئة المدينة جراء الدخان الأسود الذي ينتج عنها ويجتاح مختلف الشوارع والأحياء، بحسب اتجاه الرياح،  بل بدأت هذه الاعمال تتحول شيئا فشيئا الى مهن ثابتة للبعض، الذي إتخذ من بساتين المدينة، لا سيما تلك المتاخمة لمكب النفايات والممتدة حتى الملولة شمالا، أماكن لاحراق الاطارات بشكل يومي، خصوصا في فترات الليل حتى الفجر، بهدف استخراج الشرائط المعدنية (النحاس) من تلك الاطارات، تمهيدا لبيعها والاستفادة من ثمنها، غير آبهين بحجم التلوث الهائل الذي يحدثه الدخان، الذي بات يغطي سماء المدينة بشكل مستمر وينعكس تلوثا على البيئة وتهديدا لسلامة المواطنين.

ويشكو المواطنون القاطنون في مناطق الملولة، التبانة، القبة، الزاهرية، نزولا الى شارع المئتين ومحيط ملعب رشيد كرامي البلدي، وصولا الى بوابة الميناء، من سحب الدخان الأسود، التي تصدر باستمرار من البساتين المحيطة بمناطقهم وتتكثف خلال فترات الليل، الأمر الذي يجعل الهواء في حالة تلوث دائمة، مصحوبا بروائح مكب النفايات، ما يزكم الانوف ويحمل الأوبئة والامراض الى المواطنين، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين داخل منازلهم في فصل الصيف.

وعلى الرغم من المحاولات التي تقوم بها اجهزة الدولة من وقت لاخر على خط توقيف بعض العاملين في هذا المجال، الا انه ووفق المعلومات معظمهم من الاولاد القاصرين الذين يتولون عن من يشغلهم هذه المهمة، بهدف التهرب من الملاحقة القانونية وتحمل تبعاتها، في مشهد يعطي انطباعا عن ان هذا الامر تحول الى مهنة ثابتة، يبررها البعض بالوضع الاقتصادي الصعب وانعدام فرص العمل، لا سيما في صفوف الشباب الذين يلجأون الى هكذا اعمال لتأمين قوت يومهم، في حين تترك أعمالهم اثارا سلبية على الاف العائلات الاخرى التي تتضرر بشكل مباشر من تلك الحرائق، وتدفع البعض الى التفكير جديا باستبدال منزله من محيط تلك المنطقة التي باتت محاصرة بالروائح الكريهة الصادرة من مكب النفايات وبالدخان وروائح الاطارات المشتعلة.

اللافت في كل ما يحصل هو غياب المعالجات الجدية ان كان على صعيد وضع حد لمكب النفايات او منع عمليات احراق الاطارات، فضلا عن تأمين فرص عمل بديلة لهؤلاء الشبان او الفتية، ما يؤشر الى ان الدولة إما غير معنية بالمدينة ككل، او انها مستسلمة للامر الواقع وفي كلا الحالتين، يتحول المواطنون في طرابلس ومحيطها الى كبش فداء لوضع اقتصادي سيئ وتقصير فاضح من الدولة، وتباطؤ بعض المسؤولين عن القيام بواجباتهم.

Post Author: SafirAlChamal