وجه بيان كتلة ″الوسط المستقل″ التي إجتمعت أمس برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، رسائل سياسية كثيرة وفي عدة إتجاهات، وحمل بين سطوره سلسلة من الاشارات التي من المفترض أن يفهم المعنيون مغزاها ومراميها في ظل المساعي الجارية لتشكيل الحكومة العتيدة.
رسم بيان كتلة ″الوسط المستقل″ سقفا سياسيا لكل التجاذبات الحاصلة حول تشكيل الحكومة، وأعطى الرئيس ميقاتي الرئيس سعد الحريري بصفته رئيسا مكلفا للحكومة، جرعة معنويات إضافية من خلال تجديد دعم مهمته، بعد إنقضاء الشهر الأول على تكليفه، مبديا حرصه على التوازن بين الرئاسات بربط مهمة التأليف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، وذلك في إشارة سياسية واضحة الى أن أمر تشكيل الحكومة مناط فقط برئيس الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهوية وليس بأي طرف آخر.
بدا واضحا من خلال البيان، أن الرئيس ميقاتي يعمل على زيادة ″التحصينات″ أمام صلاحيات رئاسة الحكومة، والحفاظ على موقع وهيبة وحضور المركز السني الأول في لبنان أيا يكن رئيس الحكومة، حيث أن ″حارس الصلاحيات″ أشار مع كتلته باستغراب الى محاولات خلق أعراف جديدة أو تكريس أعراف قائمة، محذرا من محاولات الانقلاب على إتفاق الطائف والميثاق الوطني والصلاحيات الواردة في الدستور، وذلك في رد غير مباشر على الأصوات التي بدأت تدعو الى سحب التكليف من الحريري، علما أن هذه الدعوة غير دستورية، خصوصا أن الرئيس المكلف لا يتقيد بأي فترة زمنية لتشكيل الحكومة.
لا شك في أن مواقف الرئيس ميقاتي مع كتلته تؤكد على جملة أمور أبرزها:
أولا: أن الحريري اليوم ليس متروكا، وأن دعمه ورفض أي سلوك أو موقف يسيء إليه أو الى مهمته، ينطلق من كونه رئيسا مكلفا للحكومة لديه صلاحيات كفلها له الدستور، ولا يجوز لأي طرف سياسي أن يتدخل بها، أو أن يصادرها أو أن يتجاوزه في أي موقف أو قرار.
ثانيا: قيام ميقاتي بوضع حد لكل التحليلات التي تقول أو تحاول الايحاء بأنه جاهز ليكون بديلا عن الحريري في حال تم سحب التكليف منه، وذلك بتأكيده دعم مهمة الرئيس المكلف، وحماية موقع رئاسة الحكومة، مع الاشارة الى أن ميقاتي ليس زاهدا في الوصول الى السراي الحكومي، لكن ذلك يكون وفق معايير يحددها هو، وعلى أساس مشروع سياسي إنقاذي تلتف حوله كل الأطراف، وليس ″بدلا عن ضائع″.
ثالثا: رفض ميقاتي بشكل قاطع التخلي عن حقه في تمثيل كتلته في الحكومة، علما أن كتلته تضم أربعة نواب، وهي بالتالي يحق لها التوزير وفق المعيار النسبي المعمول به ″لكل أربعة نواب وزير″.
رابعا: دق ميقاتي وكتلته ناقوس الخطر ولفت أنظار كل المعنيين الى الأوضاع اللبنانية الداخلية على الصعيدين المالي والاقتصادي ما يستدعي الاسراع في تشكيل الحكومة.
خامسا: حرص ميقاتي على الايفاء بالوعود الانمائية التي قطعها لطرابلس والشمال خلال حملته الانتخابية، وإيجاد التشريعات اللازمة لها في مجلس النواب، بالاعلان عن الاتفاق على عدة اولويات ستطرحها الكتلة بموجب اقتراحات قوانين وتتابعها مع السلطات المختصة.
هذا الواقع، يضع كرة علاقة الحريري بميقاتي في ملعب الأول الذي بات عليه أن يختار، فإما أن يستفيد من إيجابية ميقاتي الذي تجاوز كل الاساءات والاستهدافات والخلافات وآثر دعم مهمة الحريري، أو أن يستمر في نهج التفرد وسياسة الاقصاء، وعندها لن يجد الحريري من يقف الى جانبه، أو من يدافع عنه، خصوصا أن ميقاتي يقول بوضوح: ″أن كتلة الوسط المستقل ستحدد موقفها وفقا لما سيقرره الحريري تجاهها″.
مواضيع ذات صلة:
-
من يحرس صلاحيات رئاسة الحكومة؟… غسان ريفي
-
لقاء الحريري ميقاتي.. الكرة في ملعب الرئيس المكلف… غسان ريفي
-
ميقاتي يسلّف الحريري مجددا.. فهل يلاقي يده الممدودة؟… غسان ريفي