إنتهى شهر رمضان، وإنتهت عطلة العيد، وأنهى الرئيس المكلف سعد الحريري زيارته الى موسكو حيث شارك في إفتتاح المونديال، ومن المفترض أن ينهي زيارة العيد الى السعودية، ليعود الى لبنان ويستأنف مشاوراته لتشكيل الحكومة العتيدة التي باتت ولادتها بحسب كل الأطراف أكثر من ضرورة لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية.
لا يختلف إثنان على أن الرئيس الحريري أطفأ محركات تشكيل الحكومة بعد زيارته الاولى الى السعودية والتي أعطاها صفة العائلية، ما أوحى بأن الموقف السعودي ما يزال غير واضح بالنسبة للحريري، وأنه لم يتلق من المسؤولين السعوديين أية إشارات إيجابية أو سلبية حيال ما يقوم به، الأمر الذي ضاعف من غموض الموقف السعودي، وأربك الحريري ودفعه في الوقت نفسه الى التريث خشية قيامه بأي دعسة ناقصة من شأنها أن تُغضب المملكة.
يدرك الحريري أن الخطأ مع السعودية لم يعد ممكنا، لأن الثمن سيكون باهظا جدا، وهو ربما إختبر الغضب الملكي خلال فترة إحتجازه في تشرين الأول الماضي، بعدما وجد أمامه جردة حساب طويلة بدءا بالتسوية الرئاسية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، مرورا بالحكومة التي ضمّت وزراء من غلاة فريق 8 آذار، وقبول الحريري بوزير عدل هو محامي الدفاع عن المتهمين بقتل والده الشهيد رفيق الحريري، وصولا الى توقيعه على قانون إنتخابات ساهم بايصال عددا لا يستهان به من المرشحين السنة المحسوبين على حزب الله الى المجلس النيابي، وما بين ذلك إلتزامه التام مع جبران باسيل الذي يستفز السعوديين.
أما وقد إنطوت تلك المرحلة بعد تدخلات فرنسية ـ أميركية ساهمت في الافراج عن الحريري وفي إعادة المياه الى مجاريها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي إستضاف الحريري في طائرته من موسكو الى الرياض، فإن الرئيس المكلف يقع اليوم بين نارين، فهو من جهة لم يسمع أية توجيهات أو رغبات سعودية حيال تشكيل الحكومة أو شكلها أو مضمونها، أو حتى عدم تشكيلها، ومن جهة ثانية تصله تحذيرات من مغبة إثارة الغضب السعودي مجددا، لأن ذلك لن يكون في مصلحته، ما يعني أن الحريري سيخضع لاختبار سعودي صعب جدا سيحصد نتيجته بعد تشكيل الحكومة.
أمام هذا الواقع، فإن الحريري ما يزال يقف على إشارة الانتظار، فإما أن ينطلق مع الضوء الأخضر المحلي الى تشكيل حكومة يتحمل مسؤوليتها شكلا ومضمونا أمام السعودية ومجلس التعاون الخليجي، أو أن يلتزم الضوء الأحمر لمزيد من المشاورات والنقاشات، وإلتماس بعض الايحاءات أو الاشارات الاقليمية التي تمهد لانطلاقة آمنة لتشكيل الحكومة، وهذا من شأنه أن يُلحق الأذى بلبنان خصوصا أن كل القوى الدولية والسفراء ورئيسي الجمهورية ومجلس النواب والتيارات السياسية الأساسية يتوافقون على أن المخاطر الاقتصادية بلغت ذروتها وأنه لا بد من تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لمواجهتها مع سائر الأزمات.
كل ذلك يفرض سلسلة تساؤلات لجهة: الى متى سيستمر الحريري في إيقاف محركات تشكيل الحكومة؟، وما هي الفترة الزمنية المسموح له بها؟، وماذا سيكون موقف التيارات السياسية الأخرى التي ترغب بولادة الحكومة اليوم قبل الغد، وخصوصا حزب الله، والتيار الوطني الحر؟.
مواضيع ذات صلة:
-
من يحرس صلاحيات رئاسة الحكومة؟… غسان ريفي
-
تشكيل الحكومة يتعثر وباسيل يتفرد بالقرارات.. أين الحريري؟… غسان ريفي
-
من يشكل الحكومة.. سعد الحريري أم جبران باسيل؟… غسان ريفي