برغم مرور قرابة شهر على تكليف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة الجديدة في 24 أيار الفائت، في أعقاب الإنتخابات النيابية التي جرت في 6 أيار الماضي، فإن لا مؤشرات جدّية بعد توحي أن ولادة الحكومة العتيدة سوف تكون قريبة.
ونظراً للعقد السياسية الكثيرة التي تعترض الرئيس المُكلًف داخلياً وخارجياً، فإنه بات يُخشى أن تطول فترة تأليف الحكومة أكثر من المعتاد، ما سيرتد سلباً على وضع البلاد إقتصادياً ومعيشياً لأنها تحتاج إلى حكومة جديدة تعمل سريعاً على معالجة قضايا شائكة في هذا المجال، يعتبر النزوح السوري والوضعين الإقتصادي والمالي من أبرزها، كما أن التأخير سوف يرتد سلباً أيضاً على صورة العهد الذي يعتبر أن هذه الحكومة هي حكومته الأولى، وبالتالي فإن أي تأخير في تشكيلها لا يصبّ في مصلحته.
وإذا كان البعض يعتبر فترة الشهر لتأليف الحكومة طبيعية، خصوصاً بما يتعلق بتشكيل حكومات ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، فإن مخاوف عدّة وجدّية بدأت ترتسم في الأفق، خشية أن تؤثر عقد التأليف في الداخل (مثل تمثيل القوات اللبنانية والدروز وسنّة المعارضة) والخارج (الصراع على النفوذ في لبنان بين إيران وسوريا من جهة، والسعودية من جهة أخرى) على تأليف الحكومة، وتسهم في تأخير ولادتها فترة زمنية ليس معروفاً مدّتها.
ووفق حسابات المهل الزمنية التي تأخذها الحكومات كي تتشكل منذ عام 2005، فقد استغرق الرئيس نجيب ميقاتي قرابة شهرين قبل أن يُشكّل حكومته التي كُلّف بتأليفها بعد اغتيال الحريري، وشكّل الرئيس فؤاد السنيورة حكومة ما بعد انتخابات 2005 أقل من شهرين على تكليفه، وأكثر من 3 أشهر على تأليف حكومته الثانية عام 2008 بعد اتفاق الدوحة، التي جرى التوصل إليه بعد أحداث أيّار من ذلك العام، بينما شكّل الحريري حكومته الأولى إثر إنتخابات 2009 بعد 135 يوماً على تكليفه تأليفها، وشكل ميقاتي حكومته الثانية بعد نحو 5 اشهر على تكليفه تأليفها في عام 2011، بينما كانت الفترة الأطول التي استغرقتها تأليف حكومة في لبنان، تلك التي أخذها الرئيس تمام سلام، الذي لم يُشكّل حكومته قبل مرور 11 شهراً على تكليفه تأليفها.
وإذا كانت حكومة الحريري الحالية التي تُصرّف الأعمال، قد جرى تأليفها خلال فترة زمنية هي الأقصر لحكومات ما بعد 2005، إذ استغرق تأليفها قرابة شهر ونصف الشهر بعد أن كلفه رئيس الجمهورية المنتخب ميشال عون بتأليفها في 3 تشرين الثاني 2016، وألّفها في 18 كانون الأول من ذلك العام، فإن كل المؤشرات الحالية تدلّ على أن الحريري سيستغرق وقتاً طويلاً جدّاً قبل أن تبصر حكومته النور.
ومع أن الفترة الزمنية المرتقبة لتشكيل الحكومة غير معروفة بعد، كما أن الدستور لا يُلزم رئيس الحكومة المكلف فترة زمنية لذلك، فإن “العيدية” التي كانت منتظرة لتأليف الحكومة في عيد الفطر قد طارت، لا بل إن توقعات كثيرة تذهب إلى أن فصل الصيف قد ينتهي من غير أن يشهد ولادة الحكومة فيه، ما يجعل المخاوف والشكوك جدّية من احتمال أن يستغرق الحريري وقتاً يقارب المهلة التي استغرقها لتأليف حكومته الثانية (5 أشهر)، ما قد يدفعه إلى الإعتذار عن التأليف والبحث عن بديل آخر وهو أمر ليس من مصلحته سياسياً، وهي مخاوف بدأ البعض يطرحها بجدّية، ويحذر من تداعياتها السلبية على البلد على مختلف الصعد.
مواضيع ذات صلة:
-
الحريري يقرأ في كتاب قديم: لا لسنّة المعارضة في الحكومة… عبد الكافي الصمد
-
الحكومة لن تكون عيدية.. الحريري وحيداً… عبد الكافي الصمد
-
تعقيدات داخلية وخارجية تؤخر ولادة الحكومة… عبد الكافي الصمد