عقد رئيس تيار الكرامة الوزير السابق النائب فيصل كرامي، مؤتمرا صحفيا لمناسبة الذكرى السنوية 31 لاستشهاد الرئيس رشيد كرامي، وذلك في دارته في طرابلس، فقال : ” هو حاضر في الزمان والمكان رغم الغياب.
وهو رمز ونهج في وطن بذل دمه لأجله.
وهو الرشيد الحبيب، شهيدنا الكبير، في مدينته وبيوت اهله وقومه، حيث ذكراه ماثلة في الوجدان، الأمس واليوم وحتى آخر الايام.
ايها اللبنانيون،
تحلّ الذكرى الحادية والثلاثون لاستشهاد رشيد كرامي ولسان حالنا يقول ما أشبه الأمس باليوم وكأنما لم تمضي كل هذه السنين على هذا الوطن الجريح وعلى هذه الامة المنكوبة.
لا زلنا اليوم، كما قبل احدى وثلاثين سنة، نصارع لترسيخ المبادئ والقيم والثوابت التي عاش ومات في سبيلها رشيد كرامي.
لازلنا نرفع لواء الحوار وسيلة لحل الخلافات، ولا زلنا نصارع ضد الاحتراب الداخلي صوناً للسلم الاهلي والعيش المشترك، ولا زلنا نطالب بالعدالة التي يحميها القانون والثقة المتبادلة بين مكونات المجتمع اللبناني، ولازلنا نرفع شعارات مكافحة الهدر والفساد اللذين اسشتريا في وطننا الى حد غير مسبوق، ولازلنا نتوق الى بناء دولة القانون والمؤسسات التي حلم بها رشيد كرامي وعمل لأجلها طوال حياته، ولا زلنا ايضاً نؤكد ان الاوطان لا تبنى على قاعدة الجريمة وان جريمة اغتيال رشيد كرامي لم تعد صفحة من الماضي بل هي تحولت الى صفحة من المستقبل اذا اردنا فعلاً بناء هذا المستقبل.
لا زلنا، ايها الاخوة، بعد احدى وثلاثين سنة على غياب الرشيد، نقاوم كل اشكال التطبيع والصلح مع عدونا الاوحد الكيان الصهيوني.
لا زلنا نقول بالمواجهة وبلغة القوة في مواجهة هذا العدو الذي اغتصب الارض والمقدسات وها هو اليوم يحلم بصفقة القرن الاميركية التي تهدف الى تضييع فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني، والتي سنحوّلها، باذن الله، وبارادة المقاومة والصمود الى لعنة القرن، وها هو الجيل الرابع من اجيال النكبة في الارض المحتلة يقاوم بالصدور العارية جيش الاحتلال والقرارات الدولية والصمت العربي مثبتاً ان الارض لأهلها مهما كانت الصعاب والتضحيات.
ايها اللبنانيون،
حين نقول اننا لن ننسى ولن نسامح، فنحن انما طلاب عدالة ولسنا طلال حرب اهلية لا سمح الله، كما لسنا طلاب انتقام.
ان جريمة اغتيال رشيد كرامي هي قضية انسانية وسياسية ووطنية ولكنها ايضاً قضية قانونية.
وفي هذه القضية صدر حكم على القاتل من اعلى هيئة قضائية في لبنان، وهو حكم بالاعدام جرى تخفيفه الى السجن المؤبد.
وفي هذه القضية اصدر المجلس النيابي بعد احدى عشرة سنة على سجن القاتل عفوا خاصا غير دستوري وغير مسبوق في المجالس النيابية، وتم اخراج القاتل من السجن الى الساحة السياسية يتصدّر فيها رئيساً لحزب وزعيماً سياسياً لدرجة ان الوقاحة سوّلت له ذات يوم الترشّح لرئاسة الجمهورية.
وانا اجدد القول اليوم، بأننا لن ننسى ولن نسامح، وكل ما حصل باطل، والملف القضائي لا يكون حلّه الا في القضاء، والبراءة لا تؤخذ بقرار سياسي بل عبر القضاء وعبر قرائن البراءة، علماً ان الحكم الذي اصدره المجلس العدلي غير قابل للمراجعة او الاستئناف.
ومع ذلك، أوكد ان مشكلتنا ليست مع فئة من فئات المجتمع اللبناني، وليست مع حزب، بل هي مع شخص واحد يدعى سمير جعجع قام بتنفيذ جريمة الاغتيال التي رسمها وخططها العدو الاسرائيلي.
لم تكن تصفية رشيد كرامي بهذه الطريقة البشعة مجرد تصفية جسدية، بل كانت الغاءاً لنهج وطني عروبي يمثّله رشيد كرامي وبيت رشيد كرامي.
هذا المنطق الالغائي استمر مع الرئيس عمر كرامي، وكان الهدف واضحاً لا يحتمل تأويلات، المطلوب اقفال هذا البيت والقضاء على هذا النهج الوطني العروبي.
ولا اخفيكم انني عانيت شخصياً ولا زلت من هذا المنطق الالغائي، لكن الباطل مهما تعاظم لا يقوى على الحق، ومن مفارقات القدر الطيبة انني اليوم استرجع مقعد رشيد كرامي في المجلس النيابي حاملاً النهج والمبادئ والثوابت التي زرعها فينا الرشيد.
ايها الاخوة،
في المشهد السياسي اللبناني الحاضر، نستلهم حكمة ومسؤولية ووطنية رشيد كرامي، ونشخّص الواقع وما يفرضه علينا من مسؤوليات وقرارات.
ان لبنان في ظلّ الاخطار الكبرى المحيطة به في سياق متطور من الصراع الاقليمي والدولي، يحتاج بلا ادنى شك الى حكومة توافق وطني، وهو ما جنحنا اليه ودعمناه، سواء في تسمية الرئيس المكلّف او في مشاورات تشكيل الحكومة العتيدة التي نتمنى ان تبصر النور بسرعة.
ولكن لبنان يحتاج اضافة الى اعلى درجات التوافق الداخلي، الى انقاذ حقيقي في مواجهة نهج الهدر والفساد والتحاصص وتعطيل مؤسسات الرقابة والمحاسبة واهمال خطط الانماء والاستثمار. ونحن نرى في هذه العناوين اولويات لأية حكومة توافق والا يتحول التوافق الذي نسعى اليه لحماية البلد من الخطر الخارجي الى سبب لتدمير البلد.
ونحن نستبشر خيراً في الطروحات التي اعلنتها القوى. السياسية قبل وبعد الانتخابات حول هذه الاولويات، وندعو الى ورشة عمل كبرى لا تستثني احداً من اجل ايجاد الحلول الناجعة لاوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وتحصين بنيتنا الداخلية في مواجهة كل الاخطار.
اما بعد،
عهداً عليّ ايها الرشيد ان تبقى الراية مرفوعة وان يستمر النهج درباً وخياراً مهما كانت التضحيات، وان تبقى ذكراك حاضرة بيننا انتصاراً للمظلوم على الظالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.