لم يخرج اللقاء الذي جمع بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي عن إطاره البروتوكولي، لكنه ساهم بشكل أو بآخر في إيجاد ثغرة صغيرة في جدار الجليد الذي راكمته خصومة المرحلة الماضية وخصوصا فترة الانتخابات النيابية، وذلك من خلال الرسائل الايجابية التي وجهها الحريري لجهة إعترافه بمرجعية ميقاتي بقوله ″إنه خير من يمثل طرابلس والشمال″، وإعلان إلتزامه بالتعاون معه على تنفيذ مشاريع طرابلس التي وضعها ميقاتي في رأس أولويات برنامج ″لائحة العزم″، وتعهد الحريري بتنفيذها خلال زيارته الانتخابية الى المدينة.
لا شك في أن مبادرة ميقاتي في تسمية الحريري لتأليف الحكومة، قد ساهم في ترطيب أجواء اللقاء، كما أن الحريري يدرك أكثر من أي يوم مضى بأنه يحتاج الى وقوف ميقاتي الى جانبه لما يمثله من مرجعية سنية أعطته الانتخابات النيابية أعلى رقم تفضيلي في طائفته، وكمرجعية طرابلسية لديها نصف نواب المدينة، فضلا عن كونه المدافع الأول عن رئاسة الحكومة وعن صلاحياتها وعن هيبة الموقع السني الأول في لبنان.
يمكن القول أن رسالة ميقاتي في عدم حضور إفطار السفارة السعودية كونه أقيم برعاية الحريري، وعدم دخوله الى ″التكتل اللبناني المستقل″ الذي يسعى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى تعزيز حضوره، قد وصلت الى الحريري الذي فهم مغزاها وأهدافها، كما أكدت للجميع بأن ميقاتي ينأى بنفسه عن أية إصطفافات سياسية، وأنه ماض في نهجه السياسي الوسطي والمعتدل من خلال كتلة ″الوسط المستقل″ التي ستتعاون مع يشبهها على تحقيق المصلحة اللبنانية العليا، ومصلحة طرابلس والشمال.
يبدو واضحا أن ميقاتي قرر التعاطى مع الحريري وفق قاعدة ″كما تراني يا جميل أراك″، خصوصا أنه سبق وسلّف الحريري خلال السنوات الماضية كثيرا من المواقف الايجابية، من دون أن يرد التحية له بالمثل، لذلك وبعد النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية في طرابلس، حرص ميقاتي على رمي الكرة في ملعب الحريري الذي أيقن أن شرعية الفيحاء لا يمكن أن يحصل عليها إلا من بوابة ميقاتي، لذلك بات عليه أن يقرن قوله بالفعل، وأن يترجم إعترافه بمرجعية ميقاتي بتمثيله بحقيبة وزارية وازنة في الحكومة عبر وزير سني طرابلسي، وبوضع خطط واقعية وسريعة لتنفيذ المشاريع الملحة لطرابلس والتي يضع رئيس كتلة ″الوسط المستقل″ كل إمكاناته في سبيل أن تبصر النور، عندها فقط يمكن أن يُكسر جبل الجليد بين الرجلين وأن تفتح صفحة جديدة في علاقتهما.
وفي هذا الاطار كان تصريح ميقاتي واضحا، حيث قال: ″سنكون مع الرئيس الحريري بالمتابعة والمراقبة، واذا لمسنا خطأ سنتكلم عنه″ وفي ذلك رسالة واضحة بأن كتلة ″الوسط المستقل″ ستواجه الايجابية بايجابية، والسلبية بمعارضة شرسة، مع الحفاظ دائما على موقع رئاسة الحكومة التي لا يمكن التهاون به أيا يكن رئيس الحكومة بالنسبة لميقاتي.
لا شك في أن اللقاء البروتوكولي وضع بعض العناوين العريضة، التي ستتم مناقشتها في اللقاء الثاني الذي سيعقد يوم الاثنين المقبل بين الرئيسين الحريري وميقاتي في مجلس النواب في إطار الاستشارات النيابية التي يجريها الرئيس المكلف، والذي سيليه أيضا لقاء ثالث سيكون موسعا مع كتلة ″الوسط المستقل″ ومن المفترض أن يظهر الحريري في هذين اللقاءين حسن نواياه تجاه الكتلة الطرابلسية الوازنة بداية ومن بعد ذلك تجاه طرابلس بأكملها، وعندها يمكن أن يُبنى على الشيء مقتضاه.
مواضيع ذات صلة:
-
ميقاتي يسلّف الحريري مجددا.. فهل يلاقي يده الممدودة؟… غسان ريفي
-
نجيب ميقاتي.. السنيّ الأول … غسان ريفي