مرة جديدة تجاوز الرئيس نجيب ميقاتي كل الاساءات والاستهدافات التي تعرض لها من الرئيس سعد الحريري لا سيما خلال الحملة الانتخابية الأخيرة وقرر مع كتلة ″الوسط المستقل″ التي يرأسها تسميته لتشكيل الحكومة الجديدة، في موقف فيه الكثير من الرقي السياسي، ويضع مصلحة لبنان والطائفة فوق أية مصالح آنية أو شخصية.
رمى الرئيس ميقاتي الكرة في ملعب الرئيس الحريري الذي من المفترض أن يرد التحية بأحسن منها، خصوصا أن تسمية ميقاتي له تعطيه مزيدا من الشرعية والدعم، كونه رئيس حكومة سابق، ونال أعلى رقم في الأصوات التفضيلية في طائفته، وتضم كتلته نصف نواب طرابلس التي لطالما شكلت جبهة الدفاع عن رئيس الحكومة أيا يكن.
يمكن القول أن ميقاتي يراكم الكثير من الايجابيات تجاه الحريري، وهو بالرغم من الاساءات التي تعرض لها خلال الحملة الانتخابية منه شخصيا، ومن بعض مرشحيه الذين أمعنوا في النيل منه ومن لائحته، أبقى ميقاتي خطابه تحت سقف التنافس الانتخابي، ولم يخرج عن أصول التخاطب السياسي، حتى عندما حاول جمهوره التعبير عن الغضب على الحريري في المهرجان المركزي للائحة العزم، رفض ميقاتي ذلك وأكد أنه رئيس حكومة لبنان، داعيا إياهم الى التصفيق له، فضلا عن أن مواقف ميقاتي التي تدعو الى الحفاظ على الموقع السني الأول، والى عدم التنازل عن الصلاحيات التي أقرها إتفاق الطائف، كلها تصب في مصلحة الحريري الذي يشغل موقع رئيس الحكومة.
لم يتعاط ميقاتي في أي يوم من الأيام مع الحريري بمنطق التشفي، بل جاء موقفه مع كتلته يوم أمس باعلان تسميته لتشكيل الحكومة ليعبر عن سلوك رجل دولة يعتمد سياسة اليد الممدودة دائما، ويسعى الى إستكمال تكوين السلطة بعد إنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس، بأسرع وقت ممكن لمواجهة التحديات والأزمات والأخطار التي تحيط بلبنان.
لا شك في أن تسمية ميقاتي وكتلته للرئيس الحريري والتي ستترجم اليوم في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من شأنها أن تمهد للقاء إيجابي بين ميقاتي والحريري خلال زياراته البروتوكولية لرؤساء الحكومات السابقين بعد صدور مرسوم تكليفه، وربما يتحول الى لقاء “غسل قلوب”، يطرح فيه ميقاتي كل هواجسه ومآخذه على الحريري فضلا عن مطالبه من الحكومة الجديدة فيما يخص تمثيل كتلة “الوسط المستقل” بوزير، وتأمين الاهتمام اللازم بطرابلس وتنفيذ المشاريع الملحة لها، ووضعها على سكة الانماء الحقيقي، بعد سلسلة من الوعود التي لم تأخذ طريقها للتنفيذ.
ويشير مطلعون الى أن أمام الحريري فرصة سانحة لاعادة وصل ما إنقطع مع ميقاتي، وفتح صفحة جديد من التعاون معه، خصوصا أن الحريري لم يعد بامكانه تجاوز نتائج الانتخابات النيابية التي أكدت أنه لم يعد قادرا على التفرد في قراراته، كونه لم يعد بمفرده في الساحة، وبالتالي عليه أن يبدل من سلوكه السياسي، وأن ينفتح على كل مكونات طائفته.
ويرى هؤلاء أن أول رد للحريري على تحية ميقاتي يجب أن يكون بحجز مكان لكتلته في الحكومة المقبلة بوزير سني من طرابلس، ومن ثم بفتح حوار جدي معه في كيفية خدمة المدينة وتنفيذ مشاريعها وتأمين مصالحها، فهل يلاقي الحريري يد ميقاتي الممدودة بالمثل؟ أم أن طبعه سيغلب تطبعه وتكون خطوة ميقاتي الايجابيه تجاه الحريري كسابقاتها من دون أفق أو ترجمة عملية على الأرض، ما يدفع الرئيس ميقاتي وكتلته الى معارضة شرسة له ولحكومته؟.. إن غدا لناظره قريب!.
مواضيع ذات صلة:
-
هل تبادر السعودية الى رأب الصدع بين ميقاتي والحريري… غسان ريفي
-
كيف ستشارك طرابلس في الحكومة المقبلة؟… غسان ريفي
-
ميقاتي يتفوّق على الحريري سنيا وسياسيا وخدماتيا… غسان ريفي