إستفاقت طرابلس في يومها الانتخابي النيابي الذي إنتظرته تسع سنوات على كمّ هائل من الشائعات، خصوصا بعدما أقفل ليلها على خبر “خيانة” المرشح عن المقعد السني في الضنية الدكتور جهاد يوسف للائحة العزم، التي تلقفت الصدمة ونجحت في تحويلها الى طاقة إيجابية إنعكست مزيدا من الاندفاع في صفوف ماكينتها الانتخابية ومناصريها وأبناء طرابلس الذين كان خيارهم الدفاع عن الرئيس نجيب ميقاتي والحفاظ عليه.
من أبرز هذه الشائعات إنسحاب المرشحين ديما جمالي وسمير الجسر من لائحة الخرزة الزرقاء، والدكتور محمد نديم الجسر من لائحة العزم، لكن سرعان ما نفى المرشحون الثلاثة هذه الشائعات.
إنطلق اليوم الانتخابي باقبال كثيف على صناديق الاقتراع حيث سرعان ما وصلت نسبة الاقتراع الى 12 بالمئة عند العاشرة صباحا وذلك بفعل إلتزام ماكينة العزم بتوجيهات الرئيس ميقاتي بالاقتراع باكرا، ثم هدأت وتيرة الانتخاب وسارت ببطء السلحفاة، حيث لم تتعد إثنان بالمئة في الساعة الواحدة، الأمر الذي أربك الماكينات الانتخابية التي ضاعفت من جهودها في حث الناخبين على الاقتراع لكن لا حياة لمن تنادي وبدت المعركة هي فقط لمن يعنيهم الأمر، أما المواطنين العاديين فمنهم من أحجم عن التصويت إعتراضا على القانون الانتخابي، ومنهم من أحجم بفعل غضبه على السياسيين لا سيما تيار المستقبل، ومنهم الآخر من كان ينتظر أن يتحرك سوق شراء الأصوات الذي بقي جامدا في ظل الرقابة التي كانت مفروضة على الماكينات من أكثر من جهة محلية ودولية.
شهدت مراكز الاقتراع تحركات مكثفة للماكينات الانتخابية، فكانت ماكينة العزم هي الأكثر حضورا والأفعل، وتلتها ماكينة الوزير محمد كبارة، ثم ماكينة اللواء أشرف ريفي، وماكينة الوزير فيصل كرامي، وماكينة المستقبل، والمشاريع، إضافة الى حضور خجول لماكينات الصفدي، و”كلنا وطني”، و”القرار المستقل”، وقرار الشعب التي حرّكتها ماكينة جميعة إنماء طرابلس والميناء وأقامت مراكز لها قرب المراكز، في حين كانت الاجراءات الأمنية إستثنائية في محيط المراكز من قبل الجيش اللبناني، وضمن المراكز من قبل قوى الأمن الداخلي، علما أنه لم يسجل في طرابلس أية حادثة تذكر، باستثناء أمور لوجستية تتعلق بتأخير فتح بعض الصناديق، وباعتراضات على العازل الانتخابي، وعدم توفر تجهيزات لأصحاب الاحتياجات الخاصة تساعدهم على حرية الحركة في مراكز الاقتراع، فتولى الدفاع المدني والدرك مسؤولية نقل المعوقين الى الأقلام.
إستمر الوضع على ما هو عليه من البطء في الحركة الانتخابية حتى الساعة الخامسة مساء، حيث بدأت أقلام الاقتراع تشهد إقبالا للناخبين الذين إزداد عددهم وبلغوا ذروتهم قبل ساعة من إقفال صناديق الاقتراع، حيث سجل عدة أمور غير مألوفة، لجهة تجميع الناخبين خارج أحد مراكز الاقتراع وعدم السماح لهم بالدخول الى الأقلام، فضلا عن قيام أحد الضباط بطرد مندوبي لائحة العزم من داخل أحد المراكز ما دفع ماكينة العزم الى الاعتراض الشديد على هذا التضييق غير المبرر عليها من قبل السلطة، لكن الأمور سرعان ما حلت.
وقبل نحو نصف ساعة من إقفال الصناديق إحتشد الآلاف من الناخبين داخل مراكز الاقتراع حيث بقيت بعض الاقلام تشهد عمليات إقتراع حتى الساعة العاشرة ليلا، في وقت حرص فيه الرئيس نجيب ميقاتي على القيام بجولة على كل المراكز والاقلام لحين إقفالها حيث تفقد الناخبين وهيئات الأقلام، وبدا واضحا من خلال جولة ميقاتي أن أكثرية الناخبين هم من مناصريه، إضافة الى مناصرين للوزير محمد كبارة وللوزير السابق فيصل كرامي.
وكان ميقاتي إقترع صباحا في ثانوية حسن الحجة، ورافق كل مرشحي لائحته خلال إدلائهم بأصواتهم كل في المركز الذي يضم القلم الذي يقترع فيه، كما إقترع الوزير محمد كبارة في مدرسة إبن سينا في القبة، والوزير فيصل كرامي في مدرسة النموذج، واللواء أشرف ريفي في مدرسة دوحة الأدب، وكذلك إقترع النائب سمير الجسر، والنائب السابق مصباح الأحدب.