من يدس السّم في القوانين اللبنانية؟… مرسال الترس

تنفس اللبنانيون الصعداء بعد إعلان المجلس الدستوري يوم الخميس تجميد العمل بالمادة 49 من قانون الموازنة العامة لحين البت بالطعن المقدم من عشرة نواب.

لم يفاجأ اللبنانيون بالسرعة التي أقدمت فيها الحكومة والمجلس النيابي على إنهاء انجاز موازنة العام 2018 وبمادة وحيدة من دون مناقشات تفصيلية كما درجت العادة في مناقشة بنود الموازنات، بقدر المفاجأة التي هزّت مشاعرهم عندما اطلعوا على نص المادة 49 فيها، والتي تضمنت افكاراً وصفها عديدون بالافخاخ وبالسم الزُعاف، إذ إنها تنص على منح الاقامة الدائمة لكل عربي أو أجنبي بعد تملكه وحدة سكنية بقيمة ثلاثمئة الف دولار على الاراضي اللبنانية. الامر الذي حرّك جروحهم إزاء كل ما له علاقة بالتوطين وبالنزوح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. متسائلين عن الاسباب التي حالت دون انتباه الوزراء والنواب لهذه الفجوة وما تستحقه من اهتمام، قبل إقرار الموازنة ولاسيما في الجلسات الطويلة التي عقدتها لجنة المال والموازنة!.  

صحيح ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد توقيعه على قانون الموازنة وإحالته الى الجريدة الرسمية للنشر، قد أعد كتاباً الى مجلس النواب يطلب فيه إعادة النظر بهذه المادة الملغومة، ولكن السؤال الذي تبادر الى أذهان اللبنانيين هو: من يقف وراء دس السم في بعض القوانين اللبنانية الحساسة بين فترة وأخرى؟ فاذا انتبه لها اصحاب الشأن الغيورين على المصلحة اللبنانية المجردة، يجري التصدي لها بسرعة والاّ فانها تسلك طريقها للتنفيذ كما حدث، على سبيل المثال، مع العديد من القوانين ولعل اخطرها منذ سنوات هو زيادة حجم المساحات التي يحق للعرب والاجانب تملكها. والتي فوجئ العديد من اللبنانيين بما أصبحت عليه ولكن بعد فوات الاوان. لتأتي اليوم هذه المادة فتكمل ما يخطط له الذين يعملون في وضح النهار وفي الليل ولكن بخبث من أجل تمرير مشاريع مشبوهة!.

وريثما يبت المجلس الدستوري بمصير هذه المادة، ويتخذ المجلس النيابي ما يلزم من خطوات لاعادة النظر في مضمونها وتعطيل مفعولها، لا بد من الاضاءة على بعض القوانين التي تم تهريبها في السنوات الاخيرة والتي كادت تأخذ البلاد الى متاهات ومنزلقات:

ففي العام 2007  اتخذت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة قراراً بالغاء عطلة يوم الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية، بحجة تقليص أيام العطل الرسمية لزيادة الانتاج، ولكنها سارعت بعد أيام الى إلغاء قرارها الذي اعتبر خطوة مسمومة وخبيثة نظراً لما يمثله هذا اليوم في المعتقدات المسيحية!

وفي منتصف العام الماضي ذهبت حكومة الرئيس سعد الحريري باتجاه اعتماد يوم السبت عطلة اسبوعية وزيادة ساعات العمل يوم الجمعة، مما أثار حفيظة الطوائف الاسلامية وكاد يفضي الى اشكالات واسعة وردود فعل غير محسوبة، حتى تمت مؤخراً إعادة النظر فيه!. وغيرها الكثير من القوانين التي تعمل على اثارة الرأي العام في هذا الجانب الطائفي أو ذاك الجانب المذهبي. فمن هي الجهة والايدي الخبيثة التي تعمد الى إقتناص الفرص في مراحل معينة من اجل اثارة الغرائز وتحريك الرأي العام في هذا الاتجاه الخطر أو ذاك؟ واين هي أعين السلطة التي تشرف على إعداد القوانين قبل اتخاذ القرار بشأنها؟ ولماذا في كل مرة يغفل الناطور عن الحرامي، وهل يمكن أن تسلم الجرة في كل مرة؟ وهل تتم محاسبة من يقترفون هذه الاخطاء المميتة عن سابق تصور وتصميم أو عن خبث ودهاء للايقاع بين اللبنانيين؟.

Post Author: SafirAlChamal