لطالما كان التنسيق قائما بين الرئيس سعد الحريري وحزب الله، وهو عاد وإستؤنف منذ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام التي تخلى فيها الحريري عن لاءاته الشهيرة التي حرّض الشارع السني بها عندما كان خارج الحكم، بأن ″لا حوار ولا جلوس ولا حكومة مع حزب الله إلا بتسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية، والخروج من سوريا وتسليم المتهمين الى المحكمة الدولية″، حيث شارك في الحكومة مع حزب الله الذي لم ينفذ شيئا من طلبات الحريري، ثم إنطلقت جلسات الحوار بينهما فعقدت 43 جلسة تم فيها التوافق على كل الأمور، قبل أن يسير الحريري بمرشح حزب الله لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون، ويشكل حكومة العهد الأولى بالتعاون والتنسيق مع الحزب وحلفائه.
بدأ التناغم يكبر بين الحريري وحزب الله الذي أشادت قيادته بآداء رئيس الحكومة أكثر من مرة، وهو بدوره أثنى على آداء وزراء الحزب، فخرج الاعلامي سالم زهران الذي يكاد ينطق بلسان حزب الله ليؤكد أننا ″سندعم سعد الحريري في الانتخابات النيابية المقبلة، لأنه بالنسبة لفريقنا السياسي ألف سعد الحريري ولا نجيب ميقاتي واحد، معتبرا أننا نتفاهم مع الحريري على الامساك بالشارع.″
كلام زهران ترجمه حزب الله خلال أزمة الحريري في السعودية حيث رفض القيام بأي خطوة دستورية قبل الافراج عنه، وسعى في ذلك من خلال دعم العهد في الضغط على المملكة عبر الدول الكبرى ما أدى الى عودة الحريري الى لبنان ومن ثم عودته عن الاستقالة تحت مظلة شعار ″النأي بالنفس″ الذي إبتكره ميقاتي، ليرد التحية الى حزب الله بأحسن منها عندما أكد في مقابلة مع مجلة فرنسية بأن ″حزب الله هو ضمانة للاستقرار في لبنان، وأنه لم يستخدم سلاحه في الداخل، وأنه لن يشكل حكومة في المستقبل من دون مشاركته″.
لم يكتف الحريري بذلك، بل ضمّن لوائحه الانتخابية ودائع معروفة بقربها من حزب الله ومن النظام في سوريا وفي مقدمتهم محمد القرعاوي في البقاع، ووليد البعريني ومحمد سليمان الذي يحمل الجنسية السورية في عكار، أما بالنسبة للهجوم على حزب الله في خطاباته الانتخابية فترى بعض الأوساط المتابعة أنه “متفق عليه من أجل شد عصب الشارع السني لمصلحة الحريري” الذي ذكرت وسائل إعلام عدة قبل أيام أنه تلقى عبر مدير مكتبه نادر الحريري عتبا شديدا من حزب الله على تجاوز بعض خطاباته مع وزير الداخلية نهاد المشنوق السقف المتفق عليه.
بالأمس جاء تأكيد ذلك، على لسان الصحافي حسين مرتضى المعروف بانتمائه الى النظام السوري والى الحزب وهو يعمل مراسلا حربيا لقناة ″العالم″ المقربة من إيران، وذلك من خلال فيديو سجله على إحدى الجبهات، هدد فيه الرئيس نجيب ميقاتي متهما إياه ″بدعم الثورة السورية″، ومعتبرا أن “الرئيس سعد الحريري واضح ويعلن ويحكي ويلي ″بقلبو على راس لسانو″، أما ميقاتي فهو ″يعمل ضد النظام″ مهددا إياه بأنه ″سيرى ليالي حمراء لأن هذا الأمر لا يمشي معنا″.
يرى بعض المراقبين أن الأمور باتت واضحة تماما، لجهة أن ″حزب الله يفضّل التعامل مع الحريري بعدما أعطاه الكثير، وقدم تنازلات سياسية غير مسبوقة، ثارت عليها الطائفة السنية وما تزال، وإنتقدها الرئيس ميقاتي الذي قال كلمته الشهيرة قبل أشهر مخاطبا رئيس الحكومة: ″كفى يا سعد″.
ويقول هؤلاء: ″إن الحزب يدرك بأن التعاطي مع الحريري أفضل بكثير له من التعاطي مع ميقاتي الذي قام خلال حكومته بتكبيل حزب الله بشعار ″النأي بالنفس″، وعطل مشروعه في الاطاحة بالموظفين السنة الذين حماهم وإحتضنهم وأبقاهم في مناصبهم، وخصوصا المهندس عبد المنعم يوسف الذي عاد الحريري وأطاح به وأحاله الى القضاء الذي أثبت براءته، إضافة الى تمويله المحكمة الدولية لسنتين متتاليتين، وحفاظه على الموقع السني الأول وعدم تفريطه بأي من صلاحيات رئيس الحكومة.
تقول أوساط طرابلسية في هذا الاطار: لم يعد مستغربا أن يسارع الرئيس سعد الحريري ومرشحوه في طرابلس الى شن هجوم عنيف على الرئيس ميقاتي ولائحة العزم وإتهامهم بأنهم لائحة حزب الله والوصاية، لأنهم في ذلك يحاولون التعمية على تعاونهم مع حزب الله الذي يترجم يوما بعد يوم قراره بدعم الحريري في الانتخابات المقبلة.
مواضيع ذات صلة:
-
هل يستجيب الحريري لصرخة ميقاتي بإنقاذ طرابلس من سموم النفايات؟… غسان ريفي
-
لماذا يصرّ تيار المستقبل على إستفزاز الطرابلسيين؟… غسان ريفي
-
لماذا إستعان الحريري بودائع سوريا وحزب الله في لوائحة؟… غسان ريفي