يبدو أن علاقة شمال لبنان مع الدولة محكومة بحرف “الميم”، حيث تتسع الهوّة يومياً بين مطالب الناس ومنافعها، ومصالح السُلطة ومكاسبها!
الناس في شمال لبنان بحاجة لأن تنال حصتها من المشاريع والفرص والإنماء الشامل العادل المتوازن عبر اللامركزية الإدارية والتنمويّة، بينما السُلطة تنظر إليهم وتتعامل معهم كخزان بشري للقوى العسكريّة والأمنيّة وكأصوات إنتخابيّة غبّ الطلب!
الناس تُطالب منذ زمن طويل بتطوير وتأهيل وتنشيط وتحريك “ميماتها” المعروفة وهي معرض رشيد كرامي الدولي، مصفاة طرابلس، مطار الشهيد رينيه معوض (القليعات)، مرفأ طرابلس، المنطقة الحرّة الإقتصاديّة، محطة السكك الحديد، ملعب طرابلس الأولمبي، ومحطة التسفير الشمالية، وغيرها العديد من ميمات المرافق الحيوية للإستثمارات والنشاط الإقتصادي الموجودة في طرابلس والشمال، والتي لا تتواجد مجتمعة في اي منطقة لبنانية أخرى أو دول عربية مجاورة.
لكن للدولة أولويّاتها و”أجندتها”، ونظرتها للمناطق، كما يبدو، مبنيّة على قاعدة “ولاد السِتّ وولاد الجارية” و”ناس بسمنة وناس بزيت”! وحتى نادراً حين تسنح الظروف، كمثل إقرار مرسوم حكومة الرئيس ميقاتي بتخصيص 100 مليون دولار لمشاريع طرابلس، يُعطّل تنفيذه متواطئون من داخل طرابلس وخارجها.
الميم الوحيدة التي ترى الدولة أن الشمال يستحقها.. هي مشروع بناء معتقل كبير (السجن المركزي)!!
هناك من يخشى بشدّة إمكانيّة أن تعود طرابلس فيحاء، ومدينة للعلم والعلماء.. ويُصرّ على وصمها بالمدينة “القندهاريّة”، وتحويلها إلى صندوق رسائل سياسيّة وعُنفيّة .. لكن في نهاية المطاف “ولا يُحيق المكر السيء إلا بأهله”!!