قلق أزرق من لائحة العزم.. والفبركات تفشل في إستهدافها… غسان ريفي

بدأت معركة الانتخابات النيابية في الدائرة الثانية التي تضم طرابلس، المنية والضنية، تأخذ منحى بعيدا عن الروح الرياضية، وعن المنافسة الشريفة التي من المفترض أن تسود بين التيارات السياسية التي تدّعى خدمة أهلها وحمايتهم والدفاع عنهم، إلا أن السلوك اليومي لبعض هذه التيارات يُظهر عكس ذلك، خصوصا أولئك الذين يجندون أشخاصا يمضون كل أوقاتهم في فبركة الأكاذيب والأضاليل والصور والتصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي باتت في معظمها مستهلكة ولم تعد تنطلي على الناخبين الذين يتجهون لحسم خياراتهم على مسافة أقل من شهر على الاستحقاق الانتخابي.

لم يتوان الرئيس سعد الحريري منذ البداية عن إطلاق حملة تخوين وإتهامات من مركز الصفدي لدى إعلانه لائحة “المستقبل للشمال” ضد جميع خصومه، الأمر الذي أكد بأن “زعيم المستقبل” يتحرى التحريض على قيادات المدينة، إنطلاقا من قناعته بأن الأرض لم تعد له، وأن المزاج الطرابلسي قد تغير بشكل كبير، الأمر الذي دفعه الى تهديد أبناء المدينة بلقمة عيشهم، والى التأكيد بأن الانماء مرتبط بالتصويت للائحة “الخرزة الزرقاء”، عله في ذلك، يستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبية تياره.

ويبدو أن الحريري سيعيد الكرّة مجددا، في زيارته المرتقبة لطرابلس، حيث تشير المعلومات الى أنه سيمضي في ربوع المدينة عدة أيام سيرفع خلالها من منسوب الاتهامات والتحريض بحق قيادات طرابلس، لكن ما لم يدركه الحريري، هو أن إتجاه الطرابلسيين بات جديا نحو تحرير مدينتهم من الوصاية السياسية وإنتشالها من واقع التهميش والحرمان والاهمال الذي ضاعفته حكومات الحريري أو من ناب عنه فيها، بفعل عدم الايفاء بالوعود وإشراك طرابلس بالغرم، وإبعادها عن كل ما يمت الى الغنم بصلة، ما أدى الى إرتفاع نسب الفقر والبطالة والتسرب المدرسي وعمالة الأطفال والأزمات الاجتماعية والانسانية، إضافة الى إدخال القوة الانتاجية المتمثلة بالشباب الى السجون، حيث باتت طرابلس في عهد تلك الحكومات مدينة منزوعة الخدمات، وهي ما تزال تنتظر وعد حكومة تمام سلام بأن “تقترن الخطة الأمنية بخطة إنمائية وتنموية وبتأمين فرص العمل”، وأيضا، ما تزال تنتظر صرف مبلغ المئة مليون دولار الذي أقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بمرسوم صدر حينها عن مجلس الوزراء.

يبدو واضحا أن القلق الأساسي للرئيس الحريري وتيار المستقبل يتأتى من لائحة العزم كونها منسجمة وخالية من الثغرات، وثمة تفاهم كبير بين أعضائها، وهي قد تكون اللائحة الوحيدة في لبنان التي لم يزعزع الصوت التفضيلي تماسكها حيث يقودها الرئيس ميقاتي بكثير من الحكمة والحنكة، في الوقت الذي تشير فيه الوقائع الى أن ثمة صراعا واضحا ضمن لائحة المستقبل على الأصوات التفضيلية خصوصا بعدما قررت “القيادة الزرقاء” منحها الى النائب سمير الجسر، إضافة الى الأصوات التي يمكن أن يجمعها النائب محمد الصفدي له، أو (للمرشحة عن المقعد العلوي ليلى شحود.. كما يتردد) الأمر الذي يثير حفيظة كثير من المرشحين على اللائحة والذين باتوا يشعرون بالغبن، كما يؤدي ذلك الى صراع ضمن البيت الواحد، غالبا ما يترجم توترا على مواقع التواصل الاجتماعي.

هذا القلق دفع عدد من المتضررين من تماسك وقوة “لائحة العزم” الى إستهدافها بشتى الطرق، والى فبركة العديد من الشائعات التي لم تستثن أحدا، بدءا من مرشحي طرابلس مرورا بالمنية وصولا الى الضنية التي حاول البعض مؤخرا زرع بذور الخلاف بين المرشحين محمد الفاضل وجهاد يوسف، لكن المرشحان أكدا في أكثر من مناسبة بأن ما يجمعهما هو تعاون وتكامل تحت قيادة الرئيس ميقاتي، لكن المتضررين لم يستكينوا لتتفتق عبقريتهم السياسية بشائعة مفادها أن “ميقاتي يدعم المرشح على لائحة الكرامة الوطنية جهاد الصمد على حساب مرشح العزم جهاد يوسف الذي خرج عن صمته أمس لينفي كل ذلك، مؤكدا أن هذه الألاعيب باتت مكشوفة لدى أبناء الضنية.

Post Author: SafirAlChamal