أبحرت سفينة محمود سلهب المحملة بالعطاء والوفاء والأخلاق والاخلاص والشهامة والاقدام، في بحر محبة اللبنانيين وزراء ونواب وقيادات ومسؤولين ومتابعين وأصدقاء، عرفانا وتقديرا للدور الذي لعبه في كل ميادين تطوير المرفأ، لترسو على الرصيف الجديد الذي سيحمل إسمه ويساهم في تخليده، بعدما وافق وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس على طلب مدير المرفأ الدكتور أحمد تامر المدعوم من كل المحبين باطلاق إسم الراحل محمود سلهب على رصيف حاويات مرفأ طرابلس.
بالأمس كان التلاقي على رصيف محمود سلهب، فاجتمعت عائلة المرفأ برعاية وزراء النقل الذين تعاقبوا على مراحل التطوير، مع كل المهتمين والداعمين لهذا الصرح الاقتصادي الحيوي، ليعترفوا بفضل محمود سلهب بما تم إنجازه، وليؤكدوا فعل الوفاء لمن أعطى من نفسه ووقته وحياته لكي تبصر هذه الأعمال النور، قبل أن يغمض عينيه مطمئنا الى أن ما زرعه أنتج إهتماما محليا ووطنيا ودوليا بمرفأ طرابلس.
حلقت روح محمود سلهب فوق مرفأ طرابلس أمس، فيما إبتسامته كانت حاضرة بصورة عملاقة رفعت له في المكان، فكانت الوصية للوزراء بحماية ما تحقق وتطويره، وللأصدقاء بحماية المرفأ برموش العيون والاستفادة منه في النهوض بطرابلس، ولأحمد تامر بأن واصل إصرارك على إنتزاع الحقوق، ولشريكة الحياة والتعب السيدة فاتن مرعب، بأن تابعي ذاك التواصل الايجابي بين طرابلس ومصر والعالم العربي من خلال المكتب التمثيلي لاتحاد الموانئ البحرية التي ساهمت في وضع طرابلس على خارطة الملاحة البحرية الدولية.
الاحتفال بتأبين الراحل محمود سلهب كان جامعا، فالى الراعي الوزير فنيانوس حضر الوزيرين السابقين الغازيين العريضي وزعيتر، إضافة الى الرئيس ميشال سليمان ممثلا بالزميل بشارة خيرالله، والرئيس نجيب ميقاتي ممثلا بالوزير السابق نقولا نحاس، الى عدد من النواب الحاليين والسابقين، وشخصيات سياسية وحزبية وإقتصادية وإجتماعية وأكاديمية وعسكرية وأمنية وإعلامية وفاعليات وحشد من المهتمين، إضافة الى أرملته السيدة فاتن مرعب وشقيقه الدكتور محمد سلهب، وسائر أفراد العائلة.
النشيد الوطني اللبناني وتلاوة الفاتحة عن روح الراحل وعرض فيلم وثائقي عن حياته، وترحيب من الزميل أحمد درويش الذي تلا رسالة من أمين عام إتحاد الموانىء البحرية العربية اللواء عصام الدين بدوي الذي جدد تعازيه لعقيلة الراحل منوها بكفاحها لمتابعة مسيرته لتنمية الأهداف المشتركة وتطوير الإرادة الفعالة المنتجة بالتنسيق والحوار البناء مع مرافىء لبنان وخاصة مرفأ طرابلس.
وألقى مدير مرفأ طرابلس الدكتور أحمد تامركلمة توجه فيها إلى الراحل قائلا: سيفتقدك مرفأ طرابلس الذي تركت فيه بصماتك والكثير من الجهد والوقت والتعب ليكون المرفأ منارة الفيحاء، ولا بد لرفاقك وزملائك أن يكملوا الطريق ووزارة الأشغال العامة والنقل تطمح إلى تحويل مرفأ طرابلس إلى مرفأ محوري وإعداده وتجهيزه بكل المعدات والتجهيزات الحديثة ليكون قادرا على إبراز قدراته التنافسية في مجال تقديم خدمات ذات جودة وكفاءة عاليين.
وألقت السيدة فاتن مرعب سلهب كلمة قالت فيها: في تكريم عظيم وتأبين حزين، محمود معنا عطاء بدون حدود، لأنك ما عودتنا ان تتخلف عن اللقاء، ها هم الأهل والأحبة والاصدقاء، والكل ينتظر ان تزرع المنارة قناديل نور، أحاول أن أفيك بعض حقك، فأنا لك مدينة، وأنت مدينة من الوفاء، لعلي أراك على صهوة موجة تنسج ألف لؤلؤة ومحارة وياقوتة خضراء، أقف لأول مرة بدونك وحسبي أن لكل أجل كتاب ولكل حضور غياب.
وألقى عراب تطوير مرفأ طرابلس توفيق سلطان كلمة أكد فيها أن محمود سلهب والمرفأ وجهان لعملة واحدة، عارضا لدوره المميز بتذليل العقبات وصولاً الى الغاية المنشودة، حيث برز هذا الدور أمام محاولات التعطيل التي أمشلها وعمل على تأمين إستمرار الاعمال
والمساهمة في التسوية والاشراف على التطوير الى حين وفاته.
وقال: لقد أصبح المرفأ اليوم محط أنظار العالم للدور المؤهل أن يلعبه، فوفود الدول والمؤسسات الدولية تفد باستمرار الى المرفأ تستطلع وتدرس .واليوم ونحن على أبواب مرحلة جديدة كان من المنتظر أن تقر في مجلس الوزراء في طرابلس وهو اقرار قرض بقيمة 86 مليون دولار من البنك الاسلامي ربعه هبة وقد وعدني الرئيس سعد الحريري بأنه سيضعه على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي سيعقد في طرابلس وارساله الى مجلس النواب لاقراره.
ونوه سلطان بالدور الكبير الذي لعبه الوزير غازي العريضي، وبدور الوزير غازي زعيتر وهو من كتلة الرئيس نبيه بري الداعم الأساسي لمشاريع طرابلس، وباهتمام الوزير الصديق يوسف فنيانوس الذي نعتبره ابن طرابلس كما هو ابن زغرتا هو ومن يمثل.
وتحدث الوزير زعيتر فاكد أن طرابلس تعطينا دروسا في المحبة والوفاء، معتبرا أن الراحل محمود سلهب تآخى مع الكلمات الطيبة، وزرعها حنيناً ودفئاً ومحبة وتواضعاً، مؤكدا أننا نفتقد أمثاله من الرجال الطيبين الأوفياء والخيرين، وقال:على الرغم من عشقه ومحبته لرفيقة عمره السيدة فاتن الا انني كنت أشعر انه كان متيماً بحبه لهذا الميناء وبأنه قد تزوج هذا المرفأ على زوجته التي ارتضت ذلك بكل سرور لا بل أحبت ضرتها ومحور تفكير زوجها أكثر منه.
وتلاه الوزير العريضي الذي أكد أن محمود سلهب كان خير أخ وصديق وزميل ومكافح ومناضل ومحب لمدينته وشجاع في الدفاع عن قضاياها، لافتا الى أنه ما طرح في أي يوم من الأيام موضوع يعني هذا المرفق إلا وكان محمود يتصرف بدينامية ودماثة وأخلاق ولا يترك مناسبة أو محاولة إلآ ويعطيها كل الوقت وكل الجهد للملمة أوضاع إدارية لم تكن مستقيمة تسمح بعمل وإنتاج في المرفأ، محمود كان كثيرون يريدون إبعاده ولا يريدون إبقاءه، ولطالما قلت لكل المعنيين أنا لست إبن هذه المدينة بمعنى الإنتماء إلى أي من عائلاتها الكريمة وإنما ما يجمعني بها هي الأصالة والتاريخ و العمل الوطني العربي الكبير.
وأكد العريضي أن العالم كله يتطلع إلى مرفأ طرابلس ودوره، وليس من حق أحد أن يبعد نظره عن هذا الموقع أو أن يبتعد عنه لأي سبب من الأسباب، هذه أمانة فلا يكفي أن نذهب إلى أي مكان في العالم لنطالب بدور لنا في إعادة إعمار سوريا وإعتماد لبنان مقرا وموقعا للشركات العالمية إذا لم نقم نحن بواجبنا ونهيىء الأرضية الأساسية المطلوبة، لذلك أقول إعطوا طرابلس ما لطرابلس بذمتكم، طرابلس تستحق أن تعطى كل الحقوق وطرابلس مظلومة ومحرومة، حرام أن تبقى هذه المدينة على ما هي عليه من ظلم وحرمان.
ثم تحدث الوزير يوسف فنيانوس فأشار الى فداحة الخسارة بغياب محمود سلهب، وقال: لا بد لرفاقك وزملائك أن يكملوا الطريق ويثابروا على العمل وبجهد أكبر في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة، فوزارة الأشغال العامة والنقل تطمح ومن ضمن خطط العمل الموضوعة الى تحويل مرفأ طرابلس الى مرفأ محوري واعداده وتجهيزه بكل المعدات والتجهيزات الحديثة كما والمتطلبات الادارية والفنية والتشغيلية، وتعزيز الكوادر والكفاءات ليكون قادراً على ابراز قدراته التنافسية، في مجال تقديم خدمات ذات جودة وكفاءة عاليين، في اطار تكاملي وليس تنافسي مع المرافئ اللبنانية الأخرى.