سعد الحريري يقف على حدّ السيف!… غسان ريفي

كثيرة هي الملاحظات التي يمكن ان تُسجل على هامش زيارة الوزراء في ″الحكومة الحريرية″: حسين الحاج حسن، غازي زعيتر ويوسف فنيانوس الى سوريا للمشاركة في معرض دمشق الدولي، وإجراء محادثات مع نظرائهم السوريين.

يبدو واضحا أن التحدي السياسي داخل الحكومة بلغ ذروته، ما يضع الرئيس سعد الحريري في ″بيت اليك″ خصوصا بعدما كسر الوزراء المتمردين قراره بأن تكون زيارتهم الى سوريا شخصية، وأعلنوا لدى وصولهم الى معبر جديدة يابوس الحدودي، أنها رسمية، لا بل إن الوزير فنيانوس جاهر أمام وزير الاعلام ملحم رياشي أمس أنه ″سيجلب معه من سوريا ″هدايا″ هي عبارة عن صور للرئيس السوري بشار الأسد، وسيهدي الصورة الأولى الى الرئيس الحريري″.

هذا الواقع يدفع كثيرون الى التساؤل كيف يمكن للحريري أن يكمل الطريق في ظل هذا التطبيع الذي يُفرض عليه مع النظام السوري؟، وكيف يمكن للقوات اللبنانية أن تستمر في حكومة بدأت تأكل من رصيدها الشعبي؟، وماذا سيكون عليه الوضع في حال قرر حزب الله وحركة أمل وتيار المردة القيام بمزيد من الخطوات حيال القيادة السورية؟، وماذا لو لحق بهم التيار الوطني الحر؟، وهل أن شهر العسل الذي بدأته الحكومة شارف على الانتهاء؟.

أبرز الملاحظات التي يمكن تسجيلها هي:

أولا: إن الرئيس سعد الحريري ″عضّ على جرحه″ أمس في مجلس الوزراء ولم يأت على إثارة موضوع زيارة الوزراء الى سوريا، خوفا من تفجير الحكومة من الداخل وما يمكن أن ينتج عن هذا الانفجار من إستقالات أو إعتكافات يمكن أن تطيح بها، وبه كرئيس للحكومة، ما يشير الى أنه رضخ للأمر الواقع، تاركا للنائب عقاب صقر الرد على الوزير فنيانوس، ولكتلته النيابية أن ترد على على الوزراء معتبرة أن زيارتهم تشكل تلاعبا وتهديدا لانتظام عمل المؤسسات.

ثانيا: إن الانتصار الذي حققه حزب الله في عرسال بدأت مفاعيله تظهر سياسيا على الساحة اللبنانية، من خلال التأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية ـ السورية عنوانها الانفتاح.

ثالثا: طابع التحدي الذي بدا واضحا من خلال إصرار الوزراء على إعتبار أن زيارتهم الى سوريا رسميه، ما يشير الى عودة التوتر السياسي بين ″تيار المستقبل″ وبين ″حزب الله″ ومعه ″حركة أمل″ و″تيار المردة″.

رابعا: بدا أن العلاقة بين الحريري والنائب سليمان فرنجية لم تعد على ما يرام، نظرا لجنوح رئيس الحكومة بشكل كامل باتجاه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وقد تُرجم ذلك بكلام وزير المردة يوسف فنيانوس.

خامسا: حرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه صهره وزير الخارجية جبران باسيل على عدم إحراج الحريري بكسر قراره أكثر فأكثر، حيث طلبا من وزير الاقتصاد رائد خوري عدم الذهاب الى سوريا، كون الأخير عرض الدعوة التي وصلته من نظيره السوري على أمين عام مجلس الوزراء، لكن الحريري رفض التداول بها وطلب شطب بندها من المحضر، ما يشير الى أن العلاقة ما تزال متماسكة بين ″تيار المستقبل″ وبين ″التيار الوطني الحر″.

سادسا: إرتكاب الحريري خطأ إستراتيجيا، بطلبه أن تكون زيارة الوزراء بصفتهم الشخصية، وهي سابقة من شأنها أن تفتح الباب أمام إجتهادات شخصية كثيرة باتجاه دول أخرى، لن يعود بمقدور الحريري الاعتراض عليها مستقبلا، بعدما قام بتشريعها، وقدم تنازلا إضافيا عن صلاحيات رئيس الحكومة الذي لم يستطع منع وزرائه من خرق قرار ″النأي بالنفس″.

يبدو واضحا أن الحريري يقف اليوم على حد السيف، فيجد نفسه أمام كل التحديات التي يرزح تحت وطأتها أمام خيارين أحلاهما مرّ: فإما أن يقدم إستقالة حكومته وهو أمر ما زال مستبعدا، لا سيما بعد الهدوء الذي ساد جلسة مجلس الوزراء أمس، إلا من ثورة وزير الاتصالات جمال الجراح التي تم إخمادها، وإما القبول بالأمر الواقع وتقديم المزيد من التنازلات التي بدأت تصيب هيبة رئيس الحكومة في الصميم.

Post Author: SafirAlChamal