تتوالى الاعتراضات في محافظة عكار على تواجد النازحين السوريين وإنتشارهم في المخيمات بطريقة عشوائية في مختلف أرجاء المحافظة، وإنضمت مؤخرا بلديات بلدية حلبا مركز المحافظة وبلدة ببنين (أكبر البلدات العكارية) الى بلدات الدريب الأوسط ورفعت الصوت، ردا على ما أسموه ″لامبالاة المجتمع الدولي، وسياسة إدارة الظهر التي تمارسها المؤسسات الدولية في التعامل مع أزمة النزوح″.
خرجت بلديات عكار عن صمتها عقب الانذارات المتكررة التي أبلغوها لمسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الذين اكتفوا بزيارات تفقدية لعكار، ورفعت هذه البلديات الصوت للسؤال عن المساعدات الأمميه للبلديات المضيفه، وعن دورها في ما تعانيه من مشاكل الصرف الصحي ومياه الشفه والكهرباء، ودور وزارة الشؤون الاجتماعيه وتقديماتها، والصحه واستشفائها ووزارة شؤون النازحين وحلولها.
القرارات الصادرة عن البلديات، تتضمن تغييرا واضحا في نظرة الأهالي لطريقة التعامل مع قضية النزوح السوري، بعد أن استنفدت إمكانية استثمارها سياسيا أو أمنيا لأنها بدأت تطال حياة السواد الأعظم من المواطنين الذين يئنون من تداعيات إيواء النازحين وإنتشار المخيمات العشوائية في مناطقهم.
تضم عكار حاليا خمسة مخيمات كبيرة (بمعدل 300 خيمة) للنازحين السوريين تابعين لجمعيات هم: مخيم الريحانية بإشراف “اتحاد الجمعيات الإغاثية التابعة للجماعة الإسلامية”، مخيم الحويش تحت إشراف جمعية “ينابيع الخير”، مخيم خربة داوود الذي نفذته “هيئة الاغاثة الاسلامية العالمية” وتشرف عليه “جمعية البر والتنمية”، مخيم تلعباس نفذته جمعية “التنمية الخيرية الاجتماعية”، ومخيم منيارة، فضلا عن مئات المجمعات السكنية العشوائية المنتشرة في مختلف البلدات.
“الواقع القائم بات ينذر بمستقبل بائس ومظلم”، بحسب البيانات المتتالية الصادرة عن بلديات عكار التي تطالب بإقفال تجمعات للنازحين السوريين نزولا عند طلب الأهالي واحتجاجا على شح التقديمات من الجهات المانحة والوزارات المعنيه.
يؤكد رئيس بلدية حلبا عبد الحميد الحلبي في بيان “أن الأمور لم تعد تحتمل، إذ أن البنى التحتيه المطلوبة غير متوفرة أساسا ونحن نجهد لتأمين ما يلزم لخدمة أهلنا وليس لتحمل تبعات النازحين ومسؤوليتهم، مؤكدا أن موضوع النازحين وتأمين إحتياجاتهم من مسؤولية الدولة والمؤسسات الدولية وليس من مسؤولية البلديات”.
وأكد الحلبي “أن إعتماد المجتمع الدولي على طيبتنا وإقدامنا طوال السنوات الخمس الماضية على إقتسام الرغيف والمسكن مع النازحين لم يعد يجدي نفعا”، لافتا الى “أننا نعمل ليلا نهارا والأمور تتجه من سيء الى أسوأ وقرانا وبلداتنا بحاجه للانماء ونحن ندفع من أموال الصندوق البلدي المستقل في سبيل سد احتياجات النازحين مع العلم ان هذا هو واجب المجتمع الدولي والدوله وليس البلديات، التي من المفترض أن تكون أموالها للمواطنين اللبنانيين فقط”.
ويتساءل الحلبي كيف يمكن لمدينة حلبا مركز المحافظة، والتي تتحمل بطبيعة الحال عبء كل عكار نظرا لتمركز المؤسسات الرسمية فيها، أن تتحمل عبء 17 ألف نازح سوري وهو العدد التقريبي للنازحين السوريين المقيمين في حلبا، مؤكدا “أننا لن نستمر على هذا الحال ونحن نتباحث مع إتحاد بلديات الشفت للقيام بخطوات تصعيدية من ضمنها إغلاق مخيمات النازحين الواقعة في بلداتنا قبل نتحول جميعا الى نازحين”.
ويضع الحلبي هذا الموضوع “في عهدة وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي الذي توجهنا اليه بكتاب لمطالبته بالالتفات الى حلبا مركز المحافظة، وحاجاتها الانمائية، خصوصا أننا بتنا في وضع لا نحسد عليه على الاطلاق، ونحن غير قادرين حتى على جمع النفايات من شوارع حلبا والمخيمات، لافتا الى أن بلدية حلبا تتكبد شهريا 18 مليون ليرة كلفة جمع النفايات، ونحن غير مضطرين لتحمل كل هذه التكلفة والمؤسسات الدولية لا تقوم بأي دور وتأخذ موقف المتفرج لا أكثر”.
وختم البيان: “نأمل من الوزير المرعبي السعي لدى المؤسسات الدولية لايفاء حلبا شيئا من حقوقها، والمساعدة على تحمل أعباء النازحين قبل أن نقوم مجبرين على القيام بطردهم من أماكن تواجدهم”.
الواقع نفسه ينسحب على بلدة ببنين التي أطلق مجلسها البلدي صرخة مماثلة أكد فيها عدم قدرته على تحمل المزيد من أعباء النازحين، وشدد على أن أعداد النازحين يبلغ ثلاثة أضعاف سكان البلدة، وهم يؤثرون سلبا على الواقع الاجتماعي والانمائي، والأمني. حيث عرض رئيس بلدية ببنين الدكتور كفاح الكسار، ونائب الرئيس عمر صوفان، الضغط الهائل الذي تعاني منه بلدة ببنين التي تضم ما يقارب الـ25 ألف نازح سوري، لافتين الى “أن موارد البلدة قد إستنزفت بسبب ضغط النزوح وتحديدا في مجالي المياه والنفايات”.