تلألأت طرابلس بـ″الآثار النبوية الشريفة حول العالم″ وتألق مركز الصفدي باحتضانها، في المعرض الأول من نوعه في لبنان والمنطقة العربية الذي نظمته جمعية “أكيد فينا سوا” برئاسة السيدة فيولات الصفدي، وتضمن آثارا وصورا تعود لمقتنيات رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) وآل بيته وصحابته الكرام، إضافة الى مصاحف وآثار من الحرمين الشريفين والقدس الشريف، وذلك وبرعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وضمن ليالي طرابلس الرمضانية.
حمل المعرض أبناء طرابلس وزوار المدينة الى عالم من العبق الايماني، فاحتشدوا في شارع رمزي الصفدي المغطى بالسجاد الأحمر، وتقاطروا منه الى داخل المعرض الذي أعدت له خيمة كبيرة خاصة مفتوحة على قاعة طرابلس ضمن مركز الصفدي، واللتان ضاقتا على المشاركين الذين جاؤوا لزيارة تلك الآثار الشريفة، والتعرض لتلك النفحات الايمانية التي ضاعف من تأثيرها الابتهالات والموشحات النبوية والاسلامية التي قدمها منشدون إرتقوا بالحضور الى أعلى مراتب السمو الروحاني الذي جلل المكان بكثير من الرهبة والخشوع.
وضعت جمعية ″أكيد فينا سوا″ كل ما لديها من إمكانات وعلاقات، في سبيل جمع كل ما أمكن من أثار شريفة سواء باستقدامها من بلادها أو تصويرها، وذلك لعرضها أمام أبناء طرابلس وزوارها من مختلف المناطق، وإعطاء نكهة دينية مميزة لـ الليالي الرمضانية التي تستمر لغاية 21 حزيران المقبل.
شكل المعرض عامل جذب لحشد من المهتمين، فشكل كل أثر من الآثار وكل صورة، حكاية من حكايات السيرة النبوية وأهل البيت والصحابة، فتناول المعرض آثار وصورا عن شعرات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وسيفه وعباءته وعمامته ونعليه وخاتمه، إضافة الى سيوف أهل البيت والصحابة ومقتنياتهم، إضافة الى أوراق أثرية من المصحاف الشريفة، ومصاحف متناهية الصغر تاريخية، وأوراق تتضمن كيفية تحديد إتجاهات القبلة، فضلا عن صور للمواسم الأولى للحج والعمرة والكعبة المشرفة.
وقد زين المعرض الأثر الشريف في طرابلس وهو شعرة من لحية الرسول محمد أهداها السلطان عبدالحميد الثاني خان الى المدينة قبل 130 عاما، وقد تم عرض الأثر باشراف شيخين من دار الفتوى ومواكبة أمنية، إضافة الى عرض الغطاء الخاص للحجرة النبوية، والروضة الشريفة.
حضر إفتتاح المعرض الرئيس سعد الحريري ممثلاً بالسيد نادر الحريري، الرئيس نجيب ميقاتي ممثلاً بالسيد مقبل ملك، مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار على رأس وفد من مشايخ دار الفتوى، نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، النواب: محمد الصفدي، سمير الجسر، أحمد فتفت، خضر حبيب، وسفراء: مصر نزيه النجارى، باكستان أفطاب خوخر، تركيا شغطاي أرجيس، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رئيس بلدية طرابلس المهندس احمد قمر الدين، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، رئيسة جمعية ″أكيد فينا سوا″ فيولات الصفدي، وفعاليات سياسية واقتصادية واجتماعية ونقباء ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد كبير من أبناء المدينة.
رأى المفتي الشعار في كلمته انه ″يوم طرابلسي، رمضاني، ثقافي، وفكري بامتياز، يحدّد هوية المدينة″، معتبراً ان ″هذه المبادرة إن أتت من دار الفتوى فهو شيء طبيعي، لكن أن يكون رجال السياسة في لبنان وفي طرابلس يحملون هذه الهوية بهذا الاعتزاز والطهر والصفاء فهو يدلّ في حقيقة الأمر على فطرة مدينة طرابلس وهوية رجالاتها وسياسييها وعلمائها وسيداتها ورجالها وسائر أبنائها″.
ولفت الى ان ″هذه المبادرة انما تحتضن هذا العبق الإيماني في رمضان ليعود الناس الى الأصول، الى نبي الرحمة″ مشيراً الى ان ″اللقاء اليوم هو حول هذا الإرث الكبير والتراث العظيم والكنز الذي لا يزال يتلألأ ويشرق ويضيء حتى تقوم الساعة ويرث الله الأرض ومن عليها″.
وتوجّه الى الصفدي قائلاً ″هي ليست المبادرة الأولى التي تقوم بها لمدينتك ولأهلك وإخوانك وأحبابك في طرابلس وكل لبنان، انها مبادرة ايجابية معطاءة والأهمّ من ذلك ان جميع القياديين السياسيين والدينيين يشتركون معك في ذلك لنكمل مجتمعين مسيرة التلاقي، الوفاق والتقارب والحب والوحدة لهذه المدينة″.
بدوره، اعتبر الصفدي في كلمته انه ″في الوقت الذي يتعرّض فيه الإسلام لأكبر حملة تشويه في التاريخ، ليس لنا سوى العودة إلى جوهر الإسلام وقيمه وتعاليمه، لتبيان الحق وردّ الباطل″ معتبراً ان ″الدين الحنيف لا يحتاج إلى من يدافع عنه، فهو وحي سماوي معصوم، وإنما تقع علينا مسؤولية إظهار حقيقة الإسلام أمام البشرية، وأن نشهد لهذه الحقيقة كل يوم″.
ولفت الى ان ″الصورة المشرقة عن الدين الإسلامي كانت تشوبها على مدى العصور فترات من التعصّب والعنف والتخلّف، كما هو حاصل في زماننا″ مشيراً الى ان ″صورة القتل والإجرام والإرهاب باسم الدين صورة ظالمة للإسلام ولتاريخ المسلمين، فقتل الناس الأبرياء عمل منكر وكذلك الإساءة إلى المرأة والطفل، وتفجير المعابد والمساجد″.
وأشار الى ان ″الأمّة الاسلامية هي أمّة إيجابية الا ان بعض المتخلفين جعلوا من الإسلام ديناً سلبياً”، لافتاً الى ان “هناك حاجة اليوم للعودة الى الوسطية والاعتدال والإيجابية، من أجل التقدّم ولمراجعة شاملة لصورة الإسلام المعاصر وتحديد أسباب الخلل الذي أصابه بفعل ممارسات خارجة عن جوهر الدين″.
من جهته، لفت المهندس المعدّ للمعرض الدكتور خالد عمر تدمري الى انه ″تمّ أثناء الإعداد للمعرض تتبّع الآثار النبويّة المباركة في كل أصقاع الأرض والتي انتشرت على بقعة واسعة من دول العالم الإسلاميّ بفضل من تناقلها وحفِظها بأمانة″. وأشار الى انه ″لأوّل مرّة يُعدّ معرض من هذا النوع حول العالم، اذ قام فريق العمل بزيارة وتصوير المساجد والمتاحف في كلّ من السعودية وتركيا ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان وباكستان والهند وأفغانستان التي حُفِظت فيها الآثار الشريفة والمقتنيات المباركة″.