إرتفعت حدّة السجال والكباش بين الحراك المدني في طرابلس وأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة، على خلفية مطالبة ممثلي الحراك خفض تسعيرة الإشتراك الشهرية، والتزام أصحاب المولدات بتسعيرة وزارة الطاقة والمياه من جهة، ومن جهة ثانية رفض أصحاب المولدات الإلتزام بالتسعيرة التي يعتبرونها غير عادلة، وتلحق بهم وبالعاملين في هذا القطاع الخسائر.
يوم أمس سُجّلت حلقة جديدة من هذا السجال، فبعد زيارة وفد من الحراك المدني محافظ الشمال رمزي نهرا لهذه الغاية، وطلبهم منه إستخدام صلاحياته والضغط على أصحاب المولدات الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة، وهي 35 ألف ليرة شهرياً على كل إشتراك من فئة 5 أمبير، أو فرض رسم قدره 180 ليرة على كل كيلوات في حال كان الإشتراك قائماً على العدّاد، ردّ أصحاب المولدات على الخطوة بأكثر منها، عندما زار أمس وفد كبير منهم المحافظ نهرا، رافقهم فيه العاملون في هذا القطاع، في زيارة بدت إستعراض قوة وعنصر ضغط، نظراً للحشد الذي تجمّع في الباحة الخارجية لمكتب المحافظ وداخله.
ومن باب ردّ الصاع صاعين، وبعد الإتهامات التي وجهها عناصر الحراك بحق أصحاب المولدات، رفع هؤلاء سقف كلامهم بحق فاعليات الحراك، بعدما اعتبر الناطق باسمهم خير الدين نشابة، من أمام مكتب المحافظ نهرا، أننا “لسنا مافيات ولا فاسدين ولا زعران، بل من يتهمنا بذلك تنطبق عليه هذه الصفات”، ومطالباً نهرا بأن “يوقف حملات التشهير ضدنا وحملات الظلم التي تطالنا وتسطير محاضر الضبط بحقنا”، ومتوعداً “من يشهر بأصحاب المولدات برفع دعوى ضدهم أمام القضاء”.
وأوضح نشابة وجهة نظر أصحاب المولدات من أنهم “يقدّمون خدمة كهربائية جيدة لطرابلس، ولكن المشكلة ليست عندنا بل عند شركة الكهرباء التي لا تقوم بواجبها تجاه المواطنين، ونحن بدورنا نأخذ هذا الدور لنرفع الغبن عن أهلنا في المدينة، ولو كانت الدولة تزوّد المنازل بالكهرباء لما وُجدت المولدات الخاصة”، معتبراً أنه “ليس في استطاعتنا التقيّد بتسعيرة وزارة الطاقة لأنها ستعطل أشغالنا ومؤسساتنا وتوقف مئات الموظفين عن العمل، مما سيخلق أزمة إجتماعية كبيرة في طرابلس”.
هذا التصعيد بين الحراك المدني وأصحاب المولدات، دفع المحافظ نهرا إلى الإجتماع بوفد منهم في مكتبه، بهدف التوصل إلى حلّ وسط، مثل أن يصير إلى تبنّي قرار بلدية طرابلس القاضي بوضع رسم قدره 50 ألف ليرة على كل إشتراك من فئة 5 أمبير، بدلاً من 75 ألف ليرة التي يفرضها أصحاب المولدات، و35 ألف ليرة التي حدّدتها وزارة الطاقة، وهو إقتراح وافق عليه بعض أصحاب المولدات واعتبروه مربحاً لهم، بينما رفضه آخرون لأن تكلفة إنتاج الكهرباء في طرابلس برأيهم أكبر من تكلفتها في بقية المناطق اللبناينة الأخرى التي التزمت قرار وزارة الطاقة.
وبرّر الرافضون موقفهم بأن لديهم موظفين وعمالاً مجبرين على دفع رواتبهم شهرياً، وأعمال صيانة ودفع إيجارات للأرض التي يضعون عليها مولداتهم، إضافة إلى سرقة التيار منهم عبر بعض “الشبيحة”، ما دفع بعضهم إلى سؤال المحافظ: “إذا أمّنت شركة كهرباء لبنان التيار 24 على 24 ساعة، ولم نعمل ولم نقبض من المشتركين كيف سندفع رواتب الموظفين والعمال وغيرها من النفقات؟”.
ومن أجل مواجهة الضغوط التي يتعرّض لها أصحاب المولدات، علمت ″سفير الشمال″ أن هؤلاء إتخذوا ″قراراً قاسياً″ سيباشرون بتطبيقه مطلع الشهر المقبل، وهو توقفهم عن العمل نهائياً، و″ليتحمّل المعترضون مسؤولية غرق طرابلس في الظلام″.
هذا التطوّر المعقد دفع المحافظ نهرا إلى أن يتخذ دور الحكم بين الطرفين المتنازعين لا دور الحاكم وممثل السلطة، مع أنه أحياناً يعمل على إقفال أي مؤسسة مخالفة بالشمع الأحمر، إذ قال لأصحاب المولدات إن ″دورنا تنفيذ القانون وحماية مصالح المواطنين ومصالحكم أيضاً، والتسعيرة التي تضعها وزارة الطاقة والمياه وفقاً لمعايير معينة علينا التقيّد بها، وفي حال شعر أي فرد منكم بغبن أو ظلم فليرفع دراسة مفصلة عن هذا الأمر، ونحن بدورنا سننقل صوتكم إلى الجهات المختصة″.