يحرص رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية إسبوعيا على عقد سلسلة لقاءات مع مختلف قطاعات المجتمع (موظفون، أساتذة، طلاب، مهن حرة وغيرها)، وذلك في حركة بدأت تلفت أنظار خصومه السياسيين لا سيما المسيحيين منهم الى درجة القلق، ما يجعلهم يدخلون في تحليلات وتساؤلات عما إذا كان ″بيك زغرتا″ يقصد من نشاطه المستجد، الانتخابات النيابية المقبلة، أم أنه يرمي الى ما هو أبعد من ذلك.
من الواضح أن فرنجية لا يريد أن يكون أسير أي عنصر مفاجأة، في بلد تكثر فيه المفاجآت، لذلك هو يقوم بواجباته على الصعيد الانتخابي والتواصل مع الناس، والاستعدادات اللوجستية لماكينته، فاذا أبصر القانون الانتخابي النور وأجريت الانتخابات يكون على أهبة الاستعداد، وإذا تم تأجيلها كما هو متوقع، فيكون أيضا قد تواصل مع أنصاره وأنصار حلفائه، لا سيما الشباب منهم الذين يؤمن فرنجية أنهم باتوا يشكلون قاعدة انتخابية واسعة، وماكينة يعول عليها.
تشير المعلومات الى أن فرنجية يتحدث في تلك اللقاءات بصراحة متناهية، ومن دون ″كفوف″ حيث يضع المشاركين في آخر التطورات السياسية لا سيما على الصعيد الانتخابي، وهو لم يجد حرجا في الافصاح عن تحالفاته في بعض الأقضية الشمالية بغض النظر عن شكل ومضمون القوانين الانتخابية.
تشير المعلومات الى أن فرنجية أبلغ أنصاره بأن حلفه الطبيعي في البترون سيكون مع حزب الكتائب والنائب بطرس حرب، وفي الكورة مع الوزير والنائب السابق فايز غصن، والحزب القومي، ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي تربطه به علاقة تاريخية شهدت توترات خلال حقبة معينة، ومن ثم عادت تدريجيا الى طبيعتها، لتبلغ ذروتها بعد ترشيح الرئيس سعد الحريري فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وفي الضنية النائب السابق جهاد الصمد، ومن المنتظر أن يفصح فرنجية عن المزيد من تحالفاته في الأقضية الأخرى لدى إستقباله وفودا منها.
أما في زغرتا فتنفي مصادر مطلعة على الحركة السياسية فيها، حصول أي تحالف بين فرنجية ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض، أو أن يكون فرنجية عرض عليه التحالف، أو أن يكون معوض قد طلب من فرنجية أن يكون مع نجله طوني في لائحة واحدة.
وتؤكد هذه المصادر أن فرنجية ومعوض تعاونا في الانتخابات البلدية لتجنيب زغرتا معركة كسر عضم لن تكون في مصلحتها ومصلحة أهلها، وقد إنتهى الأمر عند هذا الحد، بانتظار أن يبصر القانون الانتخابي النور ليُبنى على الشيء مقتضاه.
وتشير هذه المصادر الى أنه في حال أجريت الانتخابات وفق قانون النسبية، فان معوض يستطيع أن يحجز مكانه في الندوة البرلمانية من دون أن يتعاون مع فرنجية، وبالتالي فان المنطق يقول بأن يكون لكل من الرجلين لائحة كاملة، أما في حال جرت الانتخابات وفق القانون الأكثري أو المختلط، فعندها يكون لكل حادث حديث.
بات في حكم المؤكد أن الثنائي المسيحي: القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، باتا خارج حسابات فرنجية الانتخابية، وهو بدأ يمد جسور التواصل مع كل الأطراف المسيحية الأخرى الغاضبة من التهميش الذي تشعر به في العهد الجديد، ويمارسه بحقها وزير الخارجية جبران باسيل الذي قال عن تلك الأطراف في مقابلة تلفزيونية: أنهم ″فراطة″.
واللافت أن تكتل مسيحي يضم المردة والكتائب والأحزاب المسيحية الأخرى وشخصيات مستقلة من أمثال بطرس حرب وهادي حبيش وغيرهم، من شأنه أن يزعج ″الثنائي المسيحي″ خصوصا إذا ما أجريت الانتخابات وفق القانون النسبي الذي سيسمح لهذا التكتل المضاد أن يتمثل بنسبة جيدة على حساب الحصة النيابية الحالية للثنائي الذي يسعى الى الحفاظ عليها، وربما أعطت الانتخابات البلدية الأخيرة مؤشرات واضحة في هذا الاطار.
من هنا ترى أوساط مطلعة أن القوات والعونيين كانوا حتى الأمس القريب يُنظّرون في القانون النسبي ويؤكدون أنه الخلاص الوحيد للبلد ولتأمين سلامة وعدالة التمثيل، لكن هذا الرأي إنقلب رأسا على عقب، عندما قرر الفريقان التحالف وخوض الانتخابات معا، لينبري جبران باسيل الى تقديم في كل يوم قانون إنتخابي جديد، لكل منه هدفان لا ثالث لهما: تحجيم سائر الأطراف المسيحية وخصوصا المردة، وتأمين نجاحه في البترون على حساب إلغاء بطرس حرب.