لم تكن إشادة نائب كتلة الوفاء للمقاومة علي عمار بالرئيس سعد الحريري على موقفه تجاه التهديدات الاسرائيلية وليدة صدفة، وإذا جاز القول، فهي ليست رمانة، بل هي قلوب مليانة بالرضى على السلوك السياسي لزعيم المستقبل الذي يبدو أنه قرر الدخول في هدنة طويلة مع حزب الله، ليتفرغ للحكم والحكومة.
ربما نسيَ اللبنانيون أن حزب الله يشارك في الحرب السورية بعدما آثر الحريري الصمت عن الكلام المباح، وربما لم يعد كثير من اللبنانيين يتذكر أن ثمة سلاحا بيد الحزب يُصنّف بأنه خارج عن الشرعية اللبنانية بعدما بات بنظر رئيس الحكومة مسألة خلافية يمكن أن تحل بالتوافق على الاستراتيجية الدفاعية، أما المحكمة الدولية فبات حديثها موسميا، بعدما سقط بندها سهوا من البيان الوزاري، وبات محامي المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وزيرا للعدل في الحكومة الحريرية.
لم يبدل الرئيس الحريري من مواقفه تجاه العداء لإسرائيل، ولا يمكن لأي كان أن يشكك في وطنيته وعروبته، وما عبّر عنه يوم أمس من رفض كامل للتهديدات الاسرائيلية للبنان، هو موقف طبيعي بالنسبة له وليس جديدا عليه، إنما الجديد في الأمر، هو إشادة النائب علي عمار بالحريري أمام الملأ في مجلس النواب، حيث إعتبر أن موقف دولة الرئيس يحمل كل معاني المسؤولية الوطنية، وعندما وجد عمار أن الحريري لم يكن في القاعة ولم يسمع كلامه، حرص على تكرار إشادته به لدى عودته اليها، فسمع الحريري وإبتسم وشكر عمار.
يشير متابعون الى أن أقل ما يمكن أن يقدمه حزب الله الى الرئيس الحريري في الوقت الحالي هو الاشادة به، فزعيم المستقبل، تخلى عن كل لاءاته السابقة، فجلس على طاولة الحوار مع الحزب، وشاركه في الحكومة أكثر من مرة، وأوصل مرشحه العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، وخفّض مستوى معارضته على مشاركته في الحرب السورية الى تمنيات ونصائح بضرورة الخروج والعودة الى لبنان، وتناسى سلاحه غير الشرعي الى حين البدء بمناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي ما تزال في علم الغيب، فضلا عن تخليه بالكامل عن خطابات التحريض، ومنعه نواب المستقبل وقياداته من إستخدامه أو اللجوء إليه، ما دفع بعضو المكتب السياسي لتيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش الى القول: “إنه أهون علينا خسارة
الإنتخابات، بدل اللجوء إلى التحريض السياسي والمذهبي، الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية”. لكن ما يثير استغراب المتابعين أيضا هو، أين كان حرص الحريري قبل سنوات على السلم الأهلي؟، ولماذا لم يتلاف الحرب الأهلية التي أطلت برأسها مرات عدة بفعل التحريض المتمادي سياسيا ومذهبيا، وهي ترجَمت نفسها في طرابلس على مدار 20 جولة عنف كما في صيدا والبقاع وبعض شوارع بيروت؟. أم أن السلم الأهلي لا يُحفظ إلا عندما يكون سعد الحريري رئيسا للحكومة؟، وإذا كان خارجها فعندها يكون الانقلاب بالقمصان السود؟!.