لم تأت مطالبة “هيئة الطوارئ لانقاذ مدينة طرابلس” لنائب رئيس البلدية المهندس خالد الولي بالاستقالة من فراغ، بل بفعل تراكمات إمتدت على مدار تسعة أشهر لم تحرك فيها البلدية ساكنا تجاه المدينة التي تحتاج الى شتى أنواع الخدمات البلدية، بما في ذلك التزفيت والنظافة ومعالجة مكب النفايات، وتجميل الشوارع وإزالة التعديات وتنظيم حركة السير، والتي تعتبر من أبسط مقومات العمل البلدي وهي ما تزال في علم الغيب.
ويمكن القول أن بيان هيئة الطوارئ أظهر حجم الخلافات المستفحلة القائمة بين رئيسها الدكتور جمال بدوي وأعضائها ومنهم من هو في المجلس البلدي، وبين رئيس البلدية المهندس أحمد قمر الدين وفريقه، والذين خاضوا مجتمعين الانتخابات البلدية بدعم من اللواء أشرف ريفي وحصدوا 16 عضوا، مقابل 8 أعضاء للائحة المدعومة من التحالف االسياسي.
وتشير المعلومات الى أن عضوين من المجلس البلدي هما جميل جبلاوي وسميح حلواني إنسحبا من هيئة الطوارئ قبل فترة، ومن المفترض أن ينضم إليهما نائب الرئيس خالد الولي الذي لن يلبي مطلب الهيئة ورئيسها جمال بدوي بتقديم إستقالته من نيابة الرئاسة، في حين ان خمسة أعضاء ما يزالون على تواصل مع الهيئة، من دون أن تتأثر علاقتهم بالرئيس قمرالدين.
وتقول مصادر في هيئة الطوارئ لـ”سفير الشمال”: إن التدخل السياسي هو الذي يؤدي الى هذه الخلافات، حيث أن بعض أعضاء الهيئة أرادوا مسايرة اللواء أشرف ريفي الذي طلب منهم السير الى جانب الرئيس قمر الدين، في حين أننا كهيئة طوارئ نلتزم بالوعود التي قطعناها للناس قبل الانتخابات، فاما أن نكون على قدر وعودنا ونعمل على تنفيذها، وإلا فان الاستقالة أفضل من أن نبقى شهود زور على عقلية المزرعة التي تدار فيها البلدية.
وما يثير الاستغراب هو أن هيئة الطوارئ طلبت من نائب الرئيس خالد الولي الاستقالة من منصبه، من دون أن تضغط على الأعضاء الخمسة الذين ما يزالون على تواصل معها من أجل الاستقالة أو مقاطعة الجلسات على الأقل، الأمر الذي إعتبره البعض محاولة لتصفية الحسابات مع قمر الدين الذي لا يعطي لمطالب الهيئة الاهتمام اللازم.
ويعتبر هؤلاء أيضا، أنه كان أولى بالهيئة أن تطلب من أعضائها الثمانية أو الستة بعد إنسحاب جبلاوي وحلواني الاستقالة من المجلس البلدي بشكل كامل، لا أن تحصر هذا الطلب بنائب الرئيس فقط، لأن ذلك لن يبدل شيئا، وسيسارع المجلس البلدي الى إنتخاب نائب رئيس جديد، لكن إستقالة ست أعضاء دفعة واحدة أو حتى التهديد بالاستقالة، من شأنه أن يضع كل المجلس البلدي على المحك، ويحدث صدمة قد تدفع المجلس الى العمل والانتاج بدل حالة الشلل غير المبررة المسيطرة عليه.
في كل الأحوال، فان طرابلس لا تحسد على مجلسها البلدي الذي يتلهى بالخلافات والتجاذبات وتسجيل النقاط بين الأعضاء، فيما المدينة تئن من حرمانها وغياب كل الخدمات البلدية فيها، فضلا عن الفوضى العارمة التي تجتاحها من دون حسيب أو رقيب، بينما يتلهى أعضاء مجلسها بـ “القرقعة فقط.. من دون طحين”.
وفي الوقت الذي يشدد فيه الدكتور جمال بدوي على ضرورة أن يقدم المهندس خالد الولي إستقالته من نيابة الرئاسة، لكي يكون منسجما مع الهيئة التي دعمت وصوله الى المجلس، يكشف الولي لـ”سفير الشمال” عن تباينات كبيرة بين الهيئة وبين أعضاء المجلس البلدي المحسوبين عليها، وأن آلية تعاطي الدكتور بدوي مع الأعضاء تؤدي الى تسعير الخلاف، لافتا الانتباه الى أن أكثرية الأعضاء ومن بينهم الذين يتواصلون مع هيئة الطوارئ يرفضون تقديم إستقالته، داعيا الى أن تعيد الهيئة صياغة أفكارها وأن يصار الى توحيد الجهود من أجل خدمة طرابلس وأهلها.
ويقول الولي: لا يوجد خلافات جوهرية في المجلس البلدي، وكل الأعضاء يتعاونون على دراسة الملفات والمشاريع التي تحتاج الى تدقيق والى وقت، لأن التركة البلدية كانت ثقيلة جدا.
غسان ريفي