كل اللبنانيين بـ”همّ” والتيار والقوات بـ”همّ”!!.. غسان ريفي

في الوقت الذي يُصعّد فيه العدو الإسرائيلي من عدوانه على لبنان، ويتقصّد إستهداف المدنيين وقتل الأبرياء وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، وفي ظل المواجهات التي تخوضها المقاومة للرد على هذا العدوان تعزيزا لقوة الردع وتوازن الرعب، ومع إزدياد المخاوف من توسع الحرب وتعرض لبنان لعدوان إسرائيلي واسع على غرار ما حصل في غزة، ينشغل التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية في التنافس على الساحة المسيحية، ويخوضان حربا باردة ليس وقتها خصوصا إنها إستمرار لتاريخ طويل من المواجهات العسكرية والسياسية بين الخصمين اللدودين.

يمكن القول أن كل اللبنانيين بـ”همّ” والتيار و”القوات” بـ”همّ”، فاللبنانيون بعضهم خائف من الحرب ومن الفلتان الأمني المستجد، وبعضهم الآخر يواجه الأزمة الاقتصادية الشرسة بكل مندرجاتها وصولا الى التهديد بالبطالة الشاملة والفقر والعوز، بينما لا يفوّت التياران المسيحيان فرصة من دون أن يسجلا النقاط على بعضهما البعض بمواقف تؤدي كثرتها الى الوقوع في التناقض، إضافة الى محاولة كل منهما اللعب على التناقضات الحاصلة في البلاد لتحقيق مكاسب سواء في الاستحقاق الرئاسي أو على صعيد تعزيز النفوذ.

لا يختلف إثنان على أن أحدا من المسيحيين لم يعد يعوّل على تلاقي أو توافق التيار والقوات، فهما حين إختلفا وتواجها عسكريا في العام 1989، تسببا بتدمير المجتمع المسيحي الذي ما يزال يدفع ثمن هذه الحقبة حتى الآن، وعندما توافقا على مقاطعة الانتخابات في العام 1992 أضعفا التمثيل المسيحي الذي بات يحتاج الى البوسطة الاسلامية لكي يصل أكثرية نوابه الى أن جرى في الدورتين الأخيرتين إعتماد قانون جديد بهدف الحفاظ على التمثيل، لكنه بشهادة الأكثرية الأسوأ على الاطلاق في تاريخ الانتخابات النيابية في لبنان، وعندما وقّع التيار والقوات تفاهم معراب عملا على إختصار المسيحيين، حيث تقاسما المكاسب والنفوذ والمناصب والمواقع، وعندما سئل النائب جبران باسيل عن المسيحيين من خارح الفريقين وصفهم بـ”الفراطة”، الى أن إختلف التيار والقوات على تقسيم “جبنة السلطة” لتعود الخلافات الى سابق عهدها وربما أقسى على المستوى السياسي.

اليوم وبالرغم من كل المخاطر التي تحيط بالبلاد، يتسابق الفريقان على إستمالة الشارع المسيحي سعيا وراء شعبية تتراجع بفعل الملل الذي سيطر على المسيحيين من النكد السياسي الذي يمارس على مدار الساعة.

 

في زمن الحرب، يطرح باسيل إشكالية الشراكة الوطنية ويرفع شعار حقوق المسيحيين، والذي يرى فيه رئيس القوات سمير جعجع أنه محاولة لتعويم نفسه في الساحة المسيحية، ثم يؤكد جعجع في لقاء تلفزيوني أنه هو من دعا الى الحوار، ثم وفي نفس الحوار يرفض لقاء باسيل، الذي لم يمض أيام على مناشدته القوى المسيحية للتلاقي ومن بينهم جعجع، حتى يوحي لنوابه القول، بأن “من قال أن باسيل يقبل بأن يلتقي جعجع”.

في غضون ذلك، تعتدي إسرائيل على لبنان، والمقاومة تقدم خيرة شبابها شهداء على طريق القدس، والأبرياء يتساقطون شهداء بفعل الوحشية الاسرائيلية، وباسيل وجعجع يعملان على تصفية الحسابات فيما بينهما، ويتبادلان الاتهامات والمواقف التصعيدية، ويحاول كل منهما أن يحقق مكاسب من خلال أجندة سياسية من دون إغفال الطموحات الرئاسية.

 

وتؤكد المواقف السياسية الصادرة عن الرجلين، أن جعجع يسعى بكل جهد لإيجاد عدو له للاستفادة منه في الشارع المسيحي، لذلك هو لا يتوانى عن التصعيد بمناسبة وغير مناسبة في وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحزب الله الذي يصرّ على إستفزازه بشتى الطرق لكن من دون جدوى كونه بالنسبة للحزب “لا صوت يعلو على صوت المعركة”، ولا مجال للالتفات الى الحرتقات الداخلية، في حين أن باسيل ما يزال يناور في علاقته مع الحزب على قاعدة “إجر بالبور وإجر بالفلاحة” وذلك في محاولة منه لكسب ودّ الشارع المسيحي وعدم خسارة بيئة المقاومة.

 

وفي كل الأحوال، فإن كل هذا التخبط الذي يسيطر على جعجع وباسيل ليس بعيدا عن الاستحقاق الرئاسي الذي بات واضحا أن الرجلين يدخلان في منافسة محمومة عليه!.

 

 

 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal