حوارٌ.. مقطوع من شجرة!.. غسان ريفي

ليس مقنعا أن تربط المعارضة مشاركتها في الحوار الذي يسوّق له تكتل “الاعتدال الوطني” للوصول الى قواسم مشتركة في الاستحقاق الرئاسي، بسحب ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية المدعوم من الثنائي الشيعي وحلفائه، خصوصا أن الحوار في حال حصوله يُفترض أن يكون على أمور خلافية ومن بينها ترشيح فرنجية.

ليس مقنعا أيضا، أن تعتبر المعارضة مشاركتها في الحوار من دون سحب ترشيح فرنجية، تكريس لانتخابه رئيسا، إلا إذا كانت عاجزة لدرجة تمنعها من الوقوف أمام سائر التيارات السياسية لمناقشتها وطرح رؤيتها عليها ورفض أي إملاءات أخرى.

لم يكن الحوار ليُطرح سواء من قبل الرئيس نبيه بري لمرات عدة، أو مؤخرا من قبل تكتل الاعتدال الوطني لو لم يكن هناك خلافات سياسية جوهرية تحول دون إنتخاب رئيس للجمهورية، فإذا سبق الحوار سحب فرنجية مقابل سحب مرشح المعارضة جهاد أزعور والتوجه نحو خيار ثالث، فما جدوى هذا الحوار؟، ولماذا لا يتم التوجه مباشرة الى مجلس النواب لترجمة ذلك بإنتخاب المرشح الثالث.

كل ذلك، يعكس حالة التخبط التي تسيطر على المعارضة العاجزة رغم مرور سنة وخمسة أشهر من الفراغ الرئاسي عن تحديد خياراتها في ظل الانقسام الذي يُضعفها ويُذهب ريحها.

فالمعارضة غير قادرة على التلاقي أو التفاهم فيما بينها على قاسم مشترك رئاسي، وهي غير قادرة على التوافق مع التيارات المسيحية الأخرى بفعل الانقسام السياسي الحاد وحرب الالغاء غير المعلنة القائمة منذ ما قبل إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون، كما يمتنع كل فريق من المعارضة عن طرح مرشح له تمهيدا لتسويقه لدى التيارات الأخرى أو تلك التي يتناغم معها في المواقف.

كل ما تتمسك به المعارضة مع التيار الوطني الحر هو تقاطع هجين على الوزير السابق جهاد أزعور المعروض للمقايضة أو التضحية به بمجرد قبول الفريق الآخر بسحب مرشحه تمهيدا للتوجه نحو الخيار الثالث، ما يعني أن أزعور الذي نال في جلسة 14 حزيران الفائت 59 صوتا بأكثرية مسيحية كان مجرد وسيلة لقطع الطريق على سليمان فرنجية، وهو اليوم لا يشكل خيارا حقيقيا للفريق الداعم له، بل ورقة مناورة للوصول الى الهدف المنشود، الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال، لجهة: هل يقبل أزعور أن يتم التعاطي معه بهذه الطريقة؟، وهل ما يزال مرشحا رغم كل الاساءات التي توجه له من قبل المعارضة عندما تؤكد في كل مناسبة أنها مستعدة للتضحية به في حال إنسحب سليمان فرنجية من السابق الرئاسي؟.

بات واضحا، أن المعارضة تريد أن تفصّل حوارا وإستحقاقا رئاسيا وجلسات نيابية إنتخابية ووطنا على قياسها، وذلك عبر ممارسة سياسة إلغائية لطالما دفع لبنان ثمنا باهظا بسببها، وإشتراطها في الوقت نفسه أن يكون الحوار النيابي مقطوعا من شجرة من دون طاولة ولا رئيس ولا حتى مدير جلسات، في محاولة منها للنيل من دور الرئيس نبيه بري الذي يقول مقربون منه: “صحيح أنه ليس ولي أمر النواب والكتل النيابية لكنه رئيس كتلة نيابية، ورئيس المجلس النيابي الذي لا يلتئم إلا برئاسته ووفقا للصلاحيات الممنوحة له”، ويرى هؤلاء أن “الرئيس بري يدعم مبادرة الاعتدال بشكل كامل، لكنه لن يسمح بأي شكل من الأشكال أن يستخدمها البعض لتصفية حسابات سياسية.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal