لبنان بين خطرين داخلي وخارجي: أين المفرّ؟.. عبدالكافي الصمد

تتزايد يوماً بعد آخر، في ضوء التطوّرات الأمنية البالغة الخطورة في الجنوب نتيجة الإعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة عليه والمستمرّة منذ قرابة خمسة أشهر، المخاوف من أن يؤدّي ذلك إلى اندلاع حرب واسعة ستجعل مصير لبنان ومستقبله على المحكّ.

هذه المخاوف والمخاطر التي تكبر يومياً مع كلّ توتر أمني يشهده الجنوب على وقع الضربات الإسرائيلية، نبّهت إليها مصادر ديبلوماسية، خلال الأيّام الماضية، وحذّرت من أنّ “إحتدام التصعيد على جبهة الجنوب ينذر باقتراب حرب واسعة”، وأضافت أنّ “كلّ المؤشّرات تشي باشتعال الحرب، والعمليات العسكرية المتصاعدة على جانبي الحدود باتت تخرج عن السّيطرة”.

العدوان الإسرائيلي المستمر على الجنوب، الذي يتزامن مع إعتداء مماثل يقوم به على قطّاع غزّة ويشنّه بإجرام منقطع النظير، وسط صمود أسطوري من قبل قوى المقاومة، يخشى كثيرون أن يمتد إلى الجنوب ومناطق لبنانية أخرى، وأن تتكرّر مشاهد الدمار والقتل والتشريد والجرائم، ما سيعرّض لبنان إلى مخاطر جدّية لم يعرفها منذ نشأته قبل أكثر من 100 عام ونيّف، وتجعل مصيره ومستقبله في مهبّ الرّيح.

غير أن هذا الخطر الخارجي الذي يُهدّد لبنان من قبل العدو الإسرائيلي ليس الوحيد الذي يجعل البلاد تقف على حافّة الهاوية، ذلك أنّ هناك مخاطر داخلية لا تقلّ صعوبة عن المخاطر الخارجية، وتجعل تأثيراتها توازي تداعيات الحرب العدوانية الإسرائيلية وربّما أكثر.

على رأس هذه الأزمات يأتي الفراغ الرئاسي في قصر بعبدا الذي أنهى شهره الخامس بعد عام بالتمام والكمال، وهو فراغٌ لا توجد أيّ مؤشرات حقيقية تفيد أنّه سينتهي قريباً، وبأنّه سيتم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية في القريب العاجل لينهي الإنقسام السياسي الحاد في البلاد، ويعيد الإنتظام العام إلى عمل الدولة وأجهزتها كافّة، ويوقف الإهتراء الذي تتسع رقعته كلّ يوم في أغلب الإدارات العامّة.

يلي ذلك خطورة لا تقلّ عن خطر الفراغ الرئاسي لجهة الإنهيار المالي والإقتصادي وتردّي أوضاع الغالبية العظمى من المواطنين، ماليّاً ومعيشياً وإجتماعيّاً، نتيجة الإنهيار الكبير الذي لحق بالليرة اللبنانية التي جعلها تخسر أكثر من 90 في المئة من قيمتها ومن قوتها الشّرائية، وحوّل أغلب اللبنانين إلى فقراء ومعدمين بعدما أكدت دراسات واستطلاعات وإحصاءات أجرتها وزارة الشّؤون الإجتماعية، بالتعاون مع منظمات دولية، إلى أنّ أكثر من 80 في المئة من اللبنانيين باتوا يعيشون تحتّ خطّ الفقر.

ويترافق ذلك مع إزدياد أعداد المهاجرين “الهاربين” من البلاد، سواء عبر هجرة شرعية أو هجرة غير شرعية عبر البحر، بسبب تردّي أوضاعهم المعيشية، وإفلاس أو اغلاق العديد من المؤسسات التجارية أبوابها بفعل الجمود الإقتصادي الحاد، وعلى وقع إضرابات عدّة مفتوحة شلّت البلد تقريباً ينفذها العاملون في القطاع العام إحتجاجاً على عدم تحسين رواتبهم التي تدهورت وأضحت بالكاد تسدّ الرمق.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal