جولة لودريان الرّابعة: فشلٌ سابق هل يتحوّل إلى نجاحٍ لاحق؟.. عبدالكافي الصمد

إنقلبت الأولويات بالنسبة للموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان رأساً على عقب، وطرأ تبدّل لافت على جدول مبادرته، الأمر الذي أثار رفض وتحفّظ وترحيب من التقاهم في جولته الرابعة في العاصمة اللبنانية، وسط شكوك أن يكون في موضع يؤهله لتحقيق الهدف الذي جاء من أجله.

في الجولات الثلاث السّابقة التي أتى فيها إلى لبنان التي كان آخرها في شهر حزيران الماضي، وجد لودريان الأبواب موصدة أمامه لتسجيل خرق ما في الملف الرئاسي، وإنهاء الفراغ في قصر بعبدا الذي دخل أمس الشّهر الأول من عامه الثاني، أو تسويق مبادرة بلاده القائمة على انتخاب رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وتكليف السّفير السّابق نوّاف سلام رئيساً للحكومة، بعدما قوبل هذا الطرح برفض فئات داخلية إعترضت عليه، وعدم حماسة أطراف إقليميون ودوليون معنيون بالملف اللبناني له، إنطلاقاً من أنّ الظروف لم تنضج بعد للتسوية.

فشل لوريان في تحقيق أيّ نجاح في جولاته الثلاث السّابقة، جعل البعض في لبنان يعتقد أنّه لن يعود مجدّداً إلى لبنان لأنّه لم يعد في جعبته ما يقدمه، إلى أن أعلن المجيء هذا الأسبوع إلى لبنان، بعد إنقطاع زاد على 5 أشهر ونيّف، لكن هذه المرة بجدول أعمال مختلف، إذ لم يعد الملف الرئاسي على رأس أولوياته، بعدما تقدّم عليه ملف الفراغ المرتقب في قيادة الجيش اللبناني.

المعلومات التي توافرت عن غايات جولة لودريان الرّابعة كشفت أنّ إهتمامه بعدم وصول الفراغ إلى المؤسّسة العسكرية، الذي تنتهي ولاية قائده العماد جوزف عون في 10 كانون الثاني المقبل، سواء بتمديد ولايته أو تعيين قائد جديد، ليس نابعاً من حرص الموفد الفرنسي وبلاده على المؤسّسة العسكرية، بل على دور طلبت دول غربية من الجيش القيام به في المرحلة المقبلة في الجنوب اللبناني، وهو توسيع إنتشاره بالمنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة، وإمساكه الأمن فيها بالتعاون مع قوات اليونيفيل، بعدما رفض سكان المستوطنات الشّمالية في الكيان الصهيوني العودة لمنازلهم بسبب التوتر الأمني الدائم مع المقاومة على الجنوب اللبناني.

ولأنّ التوافق على تعيين قائد جديد ليس متاحاً حالياً، لأسباب مختلفة، لم يخف لودريان طلبه ممن إلتقاهم من قيادات لبنانية مختلفة التمديد لعون في قيادة الجيش، وهو ما كشفه مقرّبون من رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل من أنّ الموفد الفرنسي فاجأ باسيل بطلب التمديد لقائد الجيش، ما دفع باسيل إلى الردّ عليه بأنّ ذلك “مخالفٌ للدستور والقانون، ونحن اعتدنا من فرنسا إحترام سيادة الدول والقانون”.

لكنّ تمسك باسيل بموقفه الرافض التمديد لعون في قيادة الجيش، قابله آخرون بالعودة عن موقفهم الرافض لـ”التشريع” في ظلّ الفراغ الرئاسي. فرئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل قطع نصف الطريق في السير خلف إقتراح لودريان، إذ أكّد بعد لقائه به بأنّ “موقفنا من المشاركة في أيّ جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية مبدئي ودستوري، وبالنسبة لنا قرار تأجيل تسريح قائد الجيش يمكن إتخاذه في الحكومة، لكن عند “تسكير” الأبواب سنناقش هذا الأمر في المكتب السّياسي”.

غير أنّ السؤال الحاضر بقوّة هذه الأيّام، هو: هل أنّ من فشل في تسويق أيّ اقتراح أو مبادرة أو تسوية في السّابق، سينجح في ذلك إثر التطوّرات الهائلة في لبنان والمنطقة بعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، التي باتت كلّ المواقف الحسابات والتطوّرات والتداعيات السّياسية بعدها غير التي كانت قبلها؟


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal