بعد ″السفير″… الوطن بلا طلال سلمان!… غسان ريفي

ثقيل جدا خبر رحيلك أيها الفارس الكبير الذي ترجل بصمت عن صهوة جواده تاركا حزنا عميقا، ومرارة بطعم فقدان الوالدين..
رحل طلال سلمان، الأب العطوف والمعلم والمبدع والموجه والحاضن والداعم الذي أنشأ مدرسة خرجت أقلاما ملتزمة بالقضايا الوطنية والعربية أثبتت حضورا في مهنة البحث عن المتاعب.
كان “الناس” قضية طلال سلمان، معاناتهم ومآسيهم وحزنهم وفرحهم وانجازاتهم وحتى مناسباتهم، فكانت “السفير” صوت الذين لا صوت لهم، وافردت الصفحات بتوجيه وإصرار منه للإضاءة على كل ما يمت اليهم بصلة.
ولأنه يحب الناس آمن بقضاياهم، فكان الوطني، العروبي، المناضل المعجون بالأصالة والأخلاق، الملتزم بالثوابت والمبادئ.
صلب كان طلال سلمان، ذو إرادة فولاذية، لا يخشى في الحق لومة لائم، فأطلق العنان ليراعه الذي سخره لخدمة قضايا الأمة من المحيط الى الخليج، لا سيما القضية المركزية فلسطين التي حملها بشعبها ومدنها وقراها ومخيماتها في الشتات بفكره وقلبه وعقله، فانتقد اتفاقيات الاذعان، وتصدى للسلام المزعوم، وواجه المشاريع الصهيونية في الاراضي المحتلة وفي لبنان مؤمنا بمقاومته غير آبه بالضغوط والتهديدات التي ترجمت بتفجير مطابع السفير ثم بمحاولة إغتياله عام 1984، حيث نجا، واستمرت السفير بقيادته منارة صحافية ومفخرة لوطن الأرز والوطن العربي.
تعجز الكلمات عن التعبير عن حجم وهول الخسارة بفقدان طلال سلمان الذي طبع الحياة بحبر قلمه، وجمال عباراته وروعة مقالاته في السياسة والفكر والادب والفن والحب، فوقف 43 عاما “على الطريق” ينتظر نصرا لم يأت وأملا يتلاشى كلما لاح في افق الظلام العربي.
أتعبت الانكسارات والنكسات العربية واللبنانية قلب طلال سلمان، لكنه لم ييأس، فبقي مرابضا قابضا على جمرة النضال، لم يتبدل مع تبدل الظروف ولم يلتفت يوما الى إغراءات الحياة، وبقي ذاك العصامي الأبي الذي جسد في مسيرته الطويلة صلابة بعلبك وشهامة ابناء القرى وعنفوان بيروت، وطيبة فلسطين.
أستاذي الحبيب طلال سلمان، عندما اقفلت السفير عام 2017 خسرنا جزءا منا، وبرحيلك اليوم خسرنا جزءا أكبر، فعسى أن نستطيع بما تبقى لنا وبما زرعته فينا من معرفة وثقافة وعلم ووفاء وإخلاص أن نكمل المسيرة الصحافية التي ستزداد صعوبة في وطن بلا السفير وبلا طلال سلمان.
استاذي الحبيب، ستبقى المثل والمثال والنموذج والنبراس، وسنبقى ملتزمين بنهجك الذي يشكل خارطة طريق لكل نجاح ولكل إبداع.
طلال سلمان، من أسرة “سفير الشمال” التي انبثقت من مدرسة “السفير” وتعمل بوحيها لك كل الحب والعرفان والتقدير والرجاء بأن يرحمك الله ويسكنك الفردوس الأعلى، والى الأعزاء شريكة الحياة والتعب السيدة الفاضلة عفاف، وهنادي وربيعة وأحمد وعلي والى عائلة السفير أحرّ التعازي.
أستاذ طلال.. سلام لك وسلام عليك وسلام على روحك الطاهرة، وإنا لله وإنا اليه راجعون..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal