صيف وشتاء على سطح التعيينات!… غسان ريفي

لا خيارات كثيرة في أزمة حاكمية مصرف لبنان، فيما المخاطر مفتوحة في حال لم يصر الى إيجاد الحلول التي تؤمن إستمرار المرفق العام، والمالي منه تحديدا، كون المصرف المركزي يرتبط إرتباطا وثيقا بمالية الدولة وبمنصة صيرفة وبسعر صرف الليرة التي إما أن تحافظ على ثباتها بعد 31 تموز، أو أن تهوي أمام جنون جديد للدولار الأميركي وهذه المرة من دون أي سقف.

يمكن القول، إن أزمة الحاكمية متشعبة جدا، وتدخل فيها جملة من التناقضات التي تُظهر حجم التخبط السياسي، في وقت لم يعد فيه أمام حكومة تصريف الأعمال سوى ثلاثة خيارات بمهلة عشرين يوما، وهي: تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، أو نقل صلاحيات الحاكم الى نائبه الأول وسيم منصوري، أو تمديد ولاية الحاكم لفترة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد الى أن يتمكن مجلس النواب من إنتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام الى مؤسسات وإدارات الدولة، وما دون تلك الخيارات أمورا غير قانونية وغير دستورية ولا تنطبق على المصرف المركزي لا سيما ما يتعلق بطرح تعيين حارس قضائي عليه، أو إجبار النواب الأربعة في حال قدموا إستقالاتهم على التراجع عنها، خصوصا أن إدارة المصرف المركزي لا تكون بالاكراه.

وبما أن منصوري شارك مع نواب الحاكم الثلاثة في البيان الذي أصدروه ولوحوا فيه بالاستقالة إذا لم يصر الى تعيين حاكم جديد أو إيجاد حلول لهذه الأزمة، فإن الأمور تتجه الى خياريّ التعيين والتمديد اللذين من المفترض أن يُدخلا البلاد في دوامة الرفض أو القبول لأحدهما.

يرفض التيار الوطني الحر التمديد للحاكم رياض سلامة، وفي نفس الوقت يرفض أن تقوم الحكومة يتعيين حاكم جديد، ولا يروق له أن يتسلم نائب الحاكم بالرغم من إنتقاده للبيان الذي أصدره النواب الأربعة، في حين تتحدث القوات اللبنانية الشيء ونقيضه، فهي سبق وأعلنت على لسان رئيسها سمير جعجع أن لا مانع لديها في أن تقوم الحكومة بتعيين حاكم للمركزي على قاعدة ضرورة إستمرار المرفق العام، ثم عادت وتراجعت عن ذلك بإعلان الرفض، وهذا التراجع ليس الأول، بل بات يتحكم في سلوك القوات ورئيسها سواء في رئاسة الجمهورية أو لجهة التعطيل وتأمين نصاب الجلسات، أو في التعاطي مع إجتماعات الحكومة، ما يؤكد أن القوات والتيار يستمران في خوض معركة إستمالة الشارع المسيحي وأن كل المواقف التي تتخذ من قبلهما تصب في هذا الإطار بمعزل عن المصلحة الوطنية العليا.

على صعيد حزب الله فهو مبدئيا ضد التعيين، لكن المشاورات مفتوحة مع الرئيس نبيه بري من أجل الوصول الى قواسم مشتركة تحافظ على المصرف وسير العمل فيه، علما أن الثنائي غير متحمس لتسلم النائب الأول وسيم منصوري لكي لا تقع المسؤولية المالية في البلاد على كاهله بدءا بوزير المالية وصولا الى نائب الحاكم، في حين أن الرئيس بري يؤكد أنه مع تعيين الضرورة ما يجعله أقرب الى تعيين حاكم جديد من التمديد لرياض سلامة، لكن ذلك يبقى مرهونا بنتائج المشاورات مع حزب الله.

في غضون ذلك، يتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إتصالاته في هذا الاطار، وهو عقد لقاء مع الرئيس نبيه بري من أجل الوصول الى حلول ناجعة لا تستفز أي مكون سياسي أو طائفي، لكنه في الوقت نفسه يضع كل التيارات السياسية أمام مسؤولياتها للخروج من هذه الأزمة بحل يصب في مصلحة لبنان واللبنانيين، وبالتالي فإن المشهد الذي يزداد تعقيدا يحتاج الى تعاون وتوافق بين تلك التيارات والرئيس ميقاتي للوصول الى الخيار الأنسب.

وشكل الموقف الذي أطلقه البطريرك بشارة الراعي في عظة الأحد أمس، لجهة إنتقاده تعيينات الضرورة إداريا والقبول بها عسكريا، صيفا وشتاء على سطح واحد، خصوصا أن أي قرار بهذا الشأن سيُتخذ في حكومة تصريف الأعمال التي إما أن تكون كل قراراتها دستورية وشرعية ومقبولة أو لا تكون، لكن يبدو أن القوى المسيحية سواء كانت دينية أو سياسية تصرّ على التعاطي مع الحكومة على القطعة أو وفقا لمصالحها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal