د. سالم يكن حامل أمانة الداعية فتحي يكن والمؤتمن على إرثه!..

كتب المحرر السياسي

بكثير من الهدوء والاتزان والحكمة يتعاطى الدكتور سالم يكن مع التطورات المحلية والاقليمية، حيث يعتمد في إتخاذ المواقف على البحث وقراءة الأحداث بواقعية، لمقاربتها بشكل منطقي يخدم الوطن والأمة والاسلام ويحاكي تطلعات سائر الطوائف، وذلك عملا بوصية والده الراحل الداعية الدكتور فتحي يكن الذي ترك أمانة يحملها نجله سالم ويحافظ عليها ويلتزم بحذافيرها.

هو إرث كبير يؤتمن عليه سالم يكن الذي يسلك طريق والده لجهة مقارعة الصعاب والعمل بصمت وإستمالة البعيد وتكريم القريب، ورأب الصدع بين الأشقاء المتخاصمين والسعي الى وصل ما إنقطع منه إيمانا منه بأن إنتصار هذه الأمة لا يكون إلا بالوحدة على الله، وأن مقتلها هو بالتفرقة، عملا بالآية الكريمة التي تربى عليها “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”.

في الذكرى الرابعة عشرة لغيابه، أطل الدكتور سالم يكن ليطمئن والده الذي وقف “إماما بالمتقين النابذين للعنف والقتل وسيلة لفرض الخيارات”، وليزف له البشرى بتحقيق ما كان يسعى إليه في حياته لجهة طيّ “صفحةُ الفتنة السنية الشيعية بإتفاق وتقارب جريء وتاريخي أنجزتهُ القيادتان الايرانية والسعوديه، طوى معه مأساة عاشها أهلنا في اليمن العزيز، وبإنتهاء التباعد والتشتت العربي بعودةِ سوريا الى موقعها الطبيعي في جامعة الدول العربية، وما سبق وتبِع ذلك من عودةٍ محمودة للعلاقات الدبلوماسية بين الأشقاء”، راجيا أن “يُستكمل هذا المشهد السياسي الواعد، بطيّ صفحةٍ بشِعة في العلاقات التركية السورية لتعود الى سابق عهدها من التعاون والتنسيق وصِفرِ الأزمات، وأن ينتهي آخر فصول الأزمة السورية فنشهد عودة كريمة لإخوتنا الى بلدهم وأهلهم ليكونوا أول من يقيم بنيانه من جديد”.

وشكا يكن لوالده الداعية ما يجري في لبنان الذي “ما زلنا نتلهى فيه بعرضِ العضلات، والتشاطر في فرض الأجندات، وسط إصرار البعض على تسفيه الانجازات، وفي مقدمها فرض توازن القوة الذي كرسته المقاومة الاسلامية بمواجهة العدو الصهيوني، واتفاق ترسيم الحدود البحرية بما يفتح من آفاق استثمارية واعدة لمستقبل لبنان، فبدل الذهَاب الى حوار حول جوهر أزماتنا وقضايانا الملحة، هناك من يصر على وضع العربةِ أمام الحصان، وليتَ التوازنات الداخلية تسمح له بذلك، أقولها، في هذه المناسبة لكل اللبنانيين، لا حل الا بالحوار حول ما شكـل أسباب إنقِساماتنا الداخليه الدستورية والاقتصادية والسياسية، والأجواء الاقليمية مؤاتية لذلك، فلما لا نبادر الى ذلك، وليتوّج حوارَنا بانتخابِ رئيسٍ للبلاد، والاتفاق على حكومة تنفذّ مُخرجات الحوار، وفي مقدمها قانون انتخاب يُنتج وطناً لا عشائر، وخطة انقاذ اقتصادي تكون أولويتها إعادة أموال المودعين”.

في ذكراه الرابعة عشرة، خاطب الدكتور سالم يكن والده الداعية قائلا: “تطلُّ ذِكراكَ الرابعةَ عشرة ونحن أشدُّ إيماناً بما تركت لنا من إرث وميراث، وما بينهُما من مبادىء ووصايا، وما أكثرها يا والدي وأعظَمها، أما إرثك فدعوة للوحدة ونبذٌ للتفرقة بكل أشكالها وفظائعها وفظاعاتها. أما ميراثُك فصحائف بيضاء حبّرتَها بفِكرك، فخرّجتْ للناس رُسلاً صامتة تضجّ إنسانيةً ومحبة، تدعو لقدح الذهن وتوثّب الاذهان للمزيد من الاشتباك الايجابي مع الحداثة وتحدياتها وتقديم المساهمات حيال قضايا الأمة وتحدياتها” .

وأضاف: “هذا الجهادُ الصامت، وعِدَّتُهُ قلم ودَوَاة، وصوتٌ ما صدح الا لقول الحق، أثمرَ أربعين كتاباً وآلاف المقالات والمحاضرات والخطب، خضتَ من خلالها وبها صراعاً مع من حاول طمسَ هُويتنا وتجاوزَ خصوصية شعوبنا، ونحن سنبقى أمناء على هذا الارث بكل قوة ما حيِيْنا، نُعيد انتاجَهُ وفق ما رسمتَ من رُؤى له، ولن يكون يوماً مادةً بين يدي من تنكّر لمضمونه، ويحاول أن يحرفه عن حقيقته، إبتغاء عرض زائل” .

وختم يكن: “هل من كلام أخير يُقال فيك يا صاحب الذكرى، وأنت الذي كنت للكلمةِ صِدقها وصديقها ومُبدع معانيها، سأكتفي بالقول إنّا على عهدك ووعدك وإرثك، كما أردتنا وعهدتنا، بإرثك مؤمنون، بين ثناياه آمنون، وعليه مُؤتمنون”.

في الذكرى الرابعة عشرة لغياب الداعية فتحي يكن، يشتد عود حامل أمانته الدكتور سالم يكن المتمسك بثوابت الوحدة والمقاومة وفلسطين والتصدي للعدو الاسرائيلي الذي لا يفهم سوى لغة القوة، ولبنان الواحد المتميز بالتنوع الذي يشكل مصدر غنى طالما أنه تحت سقف الدستور والقانون.

Post Author: SafirAlChamal