مسرحية “آخر بروفا” من كتابة وتمثيل ماريا الدويهي.. سطوة المرأة على فسحة الإبداع… د. منيرة أبي زيد

في مسرحية “آخر بروفا”، التي عرضتها الممثلة ماريا الدويهي في محترف سميح زعتر في زغرتا، أيام الخميس ۱۳ والجمعة ۱٤ والسبت ۱٥ نيسان ۲۰۲۳، تبرز المرأة على خشبة المسرح برونقها معبرة عن رغباتها ومعاناتها. برعت الفنانة الزغرتاوية بتأليف نص بالغ البساطة والتعقيد في آن، كما أنها نجحت بالتعبير من خلال الكلمة والجسد في هذا العمل المسرحي الذي أخرجه شادي الهبر.
أتقنت الممثلة ماريا الدويهي كتابة نصها، وقدمت عرضها بإبداع لافت. تمازجت لغة الجسد بالكلمة في مسرحية “آخر بروفا” التي تميزت بطابعها النسوي. بالفعل، إجتاحت المرأة فسحة المسرح لتحكي وتبكي وتنفعل في ظل غياب رجل يفترض أن يكون جالس على كرسي فارغ. عدم وجود هذا الكائن الخفي يحمل في طياته دلالات كثيرة. فهل اختارت الدويهي أن تمحيه لتسيطر بشكل كامل على المكان؟ قد يكون ذلك صحيح، إذ أن الممثلة لا تكتفي بمعاتبة حبيبها، بل تستأئر بكلماته، تلغي صوته لتتكلم نيابة عنه، تجعل منه شخصية مرتبطة بكيانها، هو نتاج خيالها، تفبركه على كيفها، فهو هنا ليسمعها، هو هنا لكي يكتمل حوار المسرحية. بالفعل، هي تخاطبه بقسوة وتعبر عن غضب يغلي في داخلها قائلة: ” شو قلت؟ بحبك؟ مش هيدي الكلمة للي مفروض تقولا. مش هيدا الشي اللي كنت ناطرته. قول شي تاني”. يلفت نظرنا في هذا السياق المشهد المميز الذي تستولي فيه المرأة على فسحة الرجل من خلال جلوسها على كرسيه وشروعها بالكلام وكأنها حلت محله بالكامل. بالفعل، بما أن الذكورية طاغية في المجتمع الحقيقي في لبنان، تختار المرأة خشبة المسرح كفسحة تفرض فيها وجودها.
لغة الجسد
تجذب الممثلة الجمهور بكلماتها المعبرة العميقة والبسيطة في آن. فهي تتناول مسائل عاطفية هامة كالرغبة، والحب والخيبة. تتفجر مواهبها من خلال محاكاتها عبر الكلمة والجسد. بالفعل، قد يكون لنص المسرحية تأثير خاص، إنما التعبير الأهم يكمن في حركة جسم الممثلة الذي يبدو وكأنه يمتلك لغته الخاصة التي تضاهي الكلمة، تتجاوزها لتصبح أهم وسيلة لتأجيج الجو وإبراز مواهب ماريا الدويهي. وقد تميز مشهد تخلع فيه الممثلة ثيابها بشكل جزئي بلفت أنظار الجمهور. نجحت الدويهي بتناول العلاقات الجنسية ومسألة انجذاب الرجل للمرأة بشكل طبيعي، عفوي وغير متكلف. فهي نتاولت موضوع الرغبات من دون أن تحول نفسها لسلعة جذابة، بل تطرقت إليه بشكل عميق وحقيقي قائلة للرجل : ” إي هون فيه أحلا منا على المسرح. خدني. هيدا أكتر شي بحبوا يشوفوا. ما تخزلني متل كل مرة. كون رجال شي مرة واحدة بحياتك”.
كما تميزت الدويهي بحرية التعبير، فكانت مرآة حال النساء الزغرتاويات اللواتي إستمتعن بالعرض. بالفعل، كان التفاعل المباشر بين الممثلة والجمهور مضحك وممتع. إذ أن هذه المسرحية هي كوميديا سوداء، وهي أفضل عمل فني قدمته الدويهي حتى الآن، وهي التي شاركت تمثيلا في عدة أفلام قصيرة وبعض الأعمال التلفيزيونية. واستعادت منذ العام 2021 نشاطها المسرحي، فشاركت في عدة مسرحيات.
وقد أكدت الممثلة بأنها برعت في تقديم عملها الفني في مسقط رأسها لأنها شعرت بأنها محاطة بالأصدقاء والعائلة، هي التي قدمت صورة رائعة عن نساء زغرتا من خلال تألقها في مسرح مونو من 12 كانون الثاني حتى 22 كانون الثاني 2023. وسوف يتم تقديم مسرحية “آخر بروفا” خلال شهر أيار في مركز الصفدي في طرابلس.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal