التناقض السياسي يُخرج ميقاتي عن صمته.. طفح الكيل من تيار التعطيل… غسان ريفي

ربما كانت ضرورية مقابلة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الزميل سامي كليب ضمن برنامج “الرئيس” على شاشة الجديد، لإعادة الامور الى نصابها الصحيح في السياسة والاقتصاد والودائع ووضع حد لعمليات التهويل التي يمارسها البعض على شعب لبناني اعزل، يائس، متألم يتعرض يوميا لشتى صنوف والوان العذاب.
ميقاتي تحدث بصراحة منقطعة النظير فأكد انه “لا يسعى الى رئاسة الحكومة مجددا، وان كل همه اليوم هو قيادة المرحلة الصعبة والخطرة على كل صعيد وتجنيب لبنان واللبنانيين تداعياتها التي قد تكون كارثية اذا لم تتوفر لها المعالجات وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا”.
انطلاقا من هذه القناعة، حرص ميقاتي على تسمية الاشياء بأسمائها كونه لم يعد قادرا على تحمل مزيد من أعباء التعطيل، وكثير من التناقضات، ومحاولات تسجيل النقاط على حساب الناس، وسباق محموم نحو شعبوية على ظهر الحكومة ومهماتها في تأمين متطلبات اللبنانيين.
بدا واضحا حجم الضغط الذي يتعرض له ميقاتي المُطالب بكثير من المعالجات بأقل قدر من الصلاحيات والامكانات، والمستهدف بالتعطيل والمتهم بالتقصير في الوقت نفسه، ما يعكس تناقضا سياسيا أخرج رئيس الحكومة عن هدوئه وصمته فاعتبر أن “التيار الوطني الحر لم يعد تيار الاصلاح والتغيير بل هو تخلى عنهما وتحول الى تيار التعطيل”، وذلك في هجوم سياسي واضح لم يعتد رئيس الحكومة استخدامه من قبل، لكنه يشير الى ان الكيل قد طفح لديه من ممارسات تستهدف الشعب اللبناني وتتخذه متراسا لتحقيق مصالح اصحابها وطموحاتهم.
ولعل اخطر ما كشفه الرئيس ميقاتي هو أن هناك من يعطل مسيرة الانقاذ عن سابق تصور وتصميم بهدف “انهيار البلد بالكامل واعادة بنائه من جديد وفق اسس تناسب توجهاتهم”، ما يعني وصول الخلاف بين التيارات السياسية الى مسلمات لا يمكن التفريط بها، خصوصا ان هناك من ينتظر ان يحقق فريق الانهيار هدفه ليجري حصر ارث للتركة اللبنانية، فضلا عن جهة تمنع كل خطوة انقاذية. كما يؤكد ان ما تشهده البلاد منذ فترة ليس صدفة بل هو ناتج عن مخطط واضح، وبالتالي بدا ان ميقاتي يسير عكس السير كونه يسعى الى وقف الانهيار والانقاذ بخلاف ما يطمح اليه الآخرون وهو يتوافق في هذا الاطار مع كل من ينشد الاستقرار.
بدا من حديث ميقاتي انه قرر عدم الاستكانة او الاستسلام لمخططات البعض، فأكد انه مستمر في عقد جلسات الحكومة ولن يتراجع عن تلبية مطالب الناس، مستغربا شعبوية جبران باسيل الذي يتحدث عن حكومة فاقدة للميثاقية المسيحية ويشارك فيها سبعة وزراء من اصل 12 وزيرا مسيحيا، لافتا الى تفاهم كامل مع البطريرك بشارة الراعي والى تعاون مع القوات اللبنانية التي سبق واكد رئيسها انه لا يمكن ان نفكر ان الرئيس ميقاتي يستهدف المسيحيين، وقد قرن ميقاتي القول بالفعل واكد ان حريص على الوجود المسيحي ليس في لبنان فحسب بل في كل المنطقة، كاشفا عن زيارة سيقوم بها الى الفاتيكان لطرح امر الاحصاءات التي تظهر تراجع الوجود المسيحي في المنطقة على قداسة البابا.
لا شك في ان ميقاتي ضخ جرعة امل في نفوس اللبنانيين حيث ربط جنون الدولار بجنون السياسة، مؤكدا انه عندما ينتظم الوضع بانتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة سيتراجع سعر صرف الدولار عشرات الالاف، مطمئنا المودعين بأن ودائعهم ستعود اليهم لا محالة، ومشددا على أنه لا يحمي رياض سلامة.
رد ميقاتي على كثير من الشائعات التي تستهدفه منذ فترة باحالتها الى القضاء المختص، وما صمت عنه سنوات اعلنه الزميل سامي كليب حول تقديمه اكثر من مليون خدمة اجتماعية وصحية وتربوية واكاديمية وانسانية في طرابلس التي كلف ميقاتي الجهات المعنية ايجاد اماكن ايواء لسكان 16 مبنى متصدعا تمهيدا لترميمهم.
يمكن القول، إن ميقاتي وضع اصبعه امس على اكثر من جرح، معتبرا ان الانقاذ يبدأ بانتخاب رئيس، داعيا الشعب الى الضغط على النواب للقيام بذلك، كاشفا ان حل الازمة اللبنانية ليس صعبا خصوصا ان لبنان متعثر وليس مفلسا، لكن الكرة في ملعب المكونات السياسية التي عليها ان تؤمن أولا بضرورة انقاذ البلد.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal