طاولة مستديرة لمشروع PAVE في أربيل.. لوضع إستراتيجية وقائية وفعالة لمواجهة التطرف العنيف في العراق..

يستمر مشروع PAVE البحثي (2020 ـ 2023) في عمله البحثي وجمع المعارف المبنيّة على الأدلّة حول الاتجاهات السائدة في الراديكالية والتطرّف العنيف في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة غرب البلقان. ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرات صنّاع السياسات والقادة المجتمعيّين من أجل وضع استراتيجية وقائيّة فعّالة بين الاتّحاد الأوروبي والبلدان المجاورة له. 

يضمّ ائتلاف المشروع 13 منظّمة شريكة موزّعة على 12 بلدًا، ويجمع شركاء يتميّزون بنقاط قوّة فريدة وتكميليّة ويتشاطرون مجالات الاهتمام نفسها من أجل دعم التعلّم والتنمية المشتركَين. وفي البلدان كلّها.

وفي هذا الاطار عقد مشروع PAVE طاولة مستديرة في مركز الشرق الأوسط للبحوث في أربيل ـ العراق بالتعاون مع مؤسسة PREVEX ومؤسسة بيرغوف. 

تناولت الطاولة المستديرة أبحاث مشروع PAVE في العراق لجهة درس مجمع الفكر المفتوح والتفاعل بين الدولة والجهات الدينية وتأثيرها على هشاشة المجتمع أو قدرته على الصمود في وجه أنماط التطرُّف العنيف في العراق. وقد عمد البحث الذي تركز في منطقتيّ الحمدانية وتلعفر في محافظة نينوى إلى الإجابة عن سؤال واحد: إلى أي حد يرتبط (أو يتأثّر) بروز التطرُّف العنيف بغياب الدولة ومؤسسات الحوكمة أو بالخلل الذي يشوبها في المجتمعات المتضرّرة، أو بالمؤسسات الدينية الرسمية غير الناشطة وغير الموثوقة؟

وخلصت المناقشات الى سلسلة توصيات أبرزها:

توصيات للحكومة

أولا: قيادة الجهود لإعادة تأهيل المناطق التي حُرِّرت من قبضة تنظيم “الدولة الإسلامية” لتشجيع النازحين على العودة. ووضع برامج متعلّقة بإعادة الإعمار النفسي للسكان المحلييّن الذين يحملون وزر الصدمات الناجمة عن العنف.

ثانيا: دعم مشاركة النساء في الحياة العامة ومؤسسات ما بعد النزاع، وإنشاء لجان دعم محلية للنساء وأطفالهن اللواتي أجبرهنّ أحد أقربائهنّ الذكور على الدخول إلى المناطق الخاضعة لحكم تنظيم “الدولة الإسلامية”. ويجب أن يتمثّل أحد الأدوار الرئيسية لهذه اللجان في تحديد مصير الأطفال الذين فقدوا أسرهم في النزاع.

ثالثا: معاودة إصدار الوثائق المدنية للنازحين في مخيّم القيارة- الجدعة رقم 5 في محافظة نينوى في أسرع وقت ممكن. فالسياسات الإقصائية لا تتماشى مع البيئة المسالمة، ولن تؤدي سوى إلى مفاقمة المظالم المستقبلية.

رابعا: دعم إنشاء شبكة من لجان السلام المحلية واستخدامها لتسجيل الحالات وإيرادها في سجلّ مركزي لضحايا التطرُّف العنيف لتيسير الاعتراف القانوني بوضعهم والحصول على التعويضات. 

خامسا: تدريب الموظفين المحليين وتشكيل لجان إضافية لتسجيل قضايا التعويض وإصلاح الإطار القانوني القائم حاليًا، وخصوصا الاعتراف القانوني بوضع الضحايا وتقديم التعويضات إليهم، وإنشاء برامج محلية لدعم إعادة الإدماج الاجتماعي والمهني لأعضاء تنظيم “الدولة الإسلامية” المُشتبه فيهم الذين ثبتت براءتهم، وإعادة تفعيل دور اللجنة العليا الدائمة للتعايش والسلم المجتمعي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

سادسا: تشجيع مجلس النواب ومكتب الرئيس على تعديل الدستور ليشمل الأقليات الدينية، والحفاظ على الفصل بين الدولة والدين، ولكن مع بناء الجسور بين المؤسْستَيْن، وإنشاء لجنة مركزية تربط بين دواوين الأوقاف الدينية الثلاثة للإشراف على تطبيق السياسات المشتركة والمتناسقة وإجراء الحوار بين الأديان، خاصّةً في قطاع التعليم.

سابعا: دعم عملية إصلاح المناهج الدراسية والدروس الدينية، ودعم عملية إصلاح المؤسسات الدينية للتركيز على الخطاب الديني المعتدل وتعزيز التسامح والتعاون بين الأديان.

وتضمنت التوصيات للمجتمع الدولي: 

أولا: تشجيع استدامة بعثة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في العراق وبعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية في العراق لدعم الدولة العراقية في عملية إصلاح قطاع الأمن ومنع التطرُّف العنيف والتصدّي له، ولعب دور داعم واستشاري للحكومة الفدرالية العراقية في ما يتعلّق بسياسة إعادة الإعمار في المناطق المتضرّرة من التطرُّف العنيف. 

ثانيا: تشجيع الحكومة الفدرالية العراقية على الحفاظ على التقدُّم المُحرَز على صعيد سياسات مكافحة الفساد لتوجيه موازنة الدولة نحو إعادة إعمار البلد وإعادة اكتساب ثقة المنظمات غير الحكومية الدولية التي غادرت مؤخّرًا بسبب التدفُّق المتزايد للبترودولار.

ثالثا: استخدام لجنة العمل ومنظمات المجتمع المدني في مجلس النواب العراقي ودائرة المنظمات غير الحكومية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء كمنصّتَيْن لتعزيز التعاون بين المجتمع المدني والمؤسّسات السياسية. وينبغي أيضًا إنشاء لجنة للمجتمع المدني في حكومة إقليم كردستان العراق، تكون منفصلة عن لجنة الثقافة والمجتمع المدني والرياضة والشباب. 

رابعا: إعتبار التطرُّف العنيف ليس ظاهرة طارئة في العراق، بل هو مشكلة متكرّرة يجب معالجتها من خلال برامج تتمتّع برؤى بعيدة المدى وتهدف إلى تعزيز التنمية. كما لا ينبغي تمويل هذه البرامج بواسطة المساعدات الطارئة؛ ويهدف ذلك إلى الحدّ من عدم اليقين الذي يترافق عادةً مع سياسات المموّلين وأولوياتهم (مثل وقف برنامج الأمم المتحدة الطارئ في العراق في كانون الأول/ديسمبر 2022). وينطبق ذلك بشكلٍ خاص على البرامج المُنفَّذة داخل مخيّمات اللاجئين والنازحين. في الوقت نفسه، يجب أن يواصل مموّلو ومنفّذو برامج المساعدات الطارئة عملهم في البلد لتفادي بروز أزمات إنسانية جديدة.

خامسا: يُعتبر الدعم للمنظمات غير الحكومية الدولية والحكومة مهمًا لتطوير المجتمع المدني المحلي، يجب على هذا الأخير أن يُمنَح دورًا أساسيًا في منع التطرُّف العنيف والتصدّي له، بشكل يعكس كامل إمكانياته ومعارفه بالسياق المحلي وقدرته على الوصول إلى الفئات الأشد ضعفًا. ويجب أن يعكس التمويل الخارجي تقييم الاحتياجات على الأرض بدلاً من أن يكون موجَّهًا نحو طبيعة برامج الإغاثة ومهماتها. 

وتضمنت التوصيات للمجتمع المدني:

أولا: تشجيع الممثّلين عن كل الديانات في العراق على عقد مؤتمرَيْن سنويًا على الأقل لمناقشة المشاكل المشتركة وتعزيز الحوار بين الأديان ومناقشة المبادرات المشتركة لمنع التطرُّف العنيف والتصدّي له.

ثانيا: إنشاء شبكة مشتركة لمنظمات المجتمع المدني المحلّية ودعم التعاون وتبادل المعارِف في جميع أنحاء العراق وبين العراق والدول المجاورة التي لديها تجارب مماثلة مع التطرُّف العنيف.

ثالثا: وضع مؤشّرات لرصد عملية تنفيذ اتفاقيات السلام وإعادة التوطين (مع إعطاء الأولوية لمحافظة نينوى).

رابعا: إنشاء وتقديم تدريب للعاملين في مجال الإعلام لضمان تعميم سرديّة إيجابيّة مشتركة تركّز على المصالح الوطنية المشتركة مثل التعايش السلمي.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal