طاولة مستديرة لمشروع PAVE في بيروت.. لوضع إستراتيجية وقائية وفعالة لمواجهة التطرف العنيف في لبنان..

يستمر مشروع PAVE البحثي (2020 ـ 2023) في عمله البحثي وجمع المعارف المبنيّة على الأدلّة حول الاتجاهات السائدة في الراديكالية والتطرّف العنيف في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة غرب البلقان. ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرات صنّاع السياسات والقادة المجتمعيّين من أجل وضع استراتيجية وقائيّة فعّالة بين الاتّحاد الأوروبي والبلدان المجاورة له. 

يضمّ ائتلاف المشروع 13 منظّمة شريكة موزّعة على 12 بلدًا، ويجمع شركاء يتميّزون بنقاط قوّة فريدة وتكميليّة ويتشاطرون مجالات الاهتمام نفسها من أجل دعم التعلّم والتنمية المشتركَين. وفي البلدان كلّها.

وفي هذا الاطار، إستضاف معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية (IFI) طاولة مستديرة PAVE حول السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت ـ لبنان، بالتعاون مع مؤسسة La Fondation Maison des sciences de l’Homme- Paris (FMSH)، ومؤسسة بيرغوف.

جمعت الطاولة المستديرة التي عقدت في 9 كانون الأول (ديسمبر) 2022، ممثلين عن مجتمع المانحين العاملين على مكافحة التطرف العنيف (منع التطرف العنيف والتصدي له) في لبنان، بما في ذلك وحدة التنسيق الوطنية اللبنانية لمنع التطرف العنيف، والسفارة الأسترالية، والاتحاد الأوروبي، والسفارة الفرنسية، والسفارة اليابانية، والمنظمات الدولية والأيبيرية الأمريكية، ومؤسسة الإدارة والسياسات العامة لتبادل النتائج ومناقشة توصيات السياسة القائمة على الأدلة بشأن منع التطرف العنيف / مكافحة التطرف العنيف في لبنان. 

أدار نقاشات الطاولة المستديرة الخاصة بالسياسات جوزيب جارسيا كول، الشريك في مشروع PAVE، المؤسسة الأوروبية العربية للدراسات العليا (FUNDEA). 

كما قدمت الطاولة نتائج حول دوافع الضعف والقدرة على الصمود في مواجهة التطرف العنيف في لبنان. وقد تناول البحث في لبنان عن الطوائف السنية والشيعية والمارونية، إضافة الى التفاعلات بين الدول والمؤسسات الدينية والتطرف عبر الإنترنت وغير الواقعي. قدمت العروض التقديمية للنتائج الرئيسية حول التطرف العنيف في لبنان سياق توصيات السياسة التي تم تجميعها في موجز السياسة للبنان الذي نشره مشروع PAVE.

وأعقبت العروض جلسة أسئلة وأجوبة حية إنطلاقا من هذه المناقشة، حيث تم تسليط الضوء على أهمية التعاون المتعدد بين الجهات الفاعلة على المستويين الأفقي والعامودي، فضلاً عن التنسيق بين مختلف الوكالات لنجاح منع التطرف العنيف في لبنان، خصوصا بعدما لوحظ أن هناك نقصا في التواصل على مستويي الحكم المحلي والوطني، وبين الوزارات المختلفة حول هذا الموضوع.

وسلط المنسق الوطني لمكافحة التطرف العنيف في لبنان الضوء على أهمية توصيات السياسة التي تم تجميعها في موجز سياسة PAVE في حين أن خطة العمل الوطنية اللبنانية لمنع التطرف العنيف تعكس بالفعل بعض هذه التوصيات، إلا أنها لا تزال تفتقر إلى التنفيذ الصارم والمنهجي. ولوحظ أنه لا يمكن زيادة التنفيذ إلا إذا تم تعزيز قدرة البلديات.

كذلك، تم توضيح العلاقة بين ديناميكيات التطرف خارج الإنترنت وعبر الإنترنت فيما يتعلق بتدخلات منع التطرف العنيف على وسائل التواصل الاجتماعي.

وخلصت الطاولة المستديرة الى سلسلة توصيات للحكومة اللبنانية أبرزها:

أولا: إعداد منهاج موحّد وجامِع للتعليم الديني واعتماده في المدارس الخاصة والرسمية، توحيد منهاج مادة التاريخ وتعليمها في إطار جامع يحترم سرديات المكوّنات اللبنانية على اختلافها، إضافة الى تعزيز دور وزارة التربية والتعليم العالي في مكافحة جنوح الأحداث وإنشاء برامج لإعادة إدماجهم. 

ثانيا: إرساء فصل واضح بين الأدوار الدينية والسياسية للمؤسسات الدينية لإعادة بناء الثقة بين هذه المؤسسات والمجتمعات المحلية، وبالتالي تمكين المؤسسات الدينية من تأدية دور فاعل في منع التطرّف العنيف.

ثالثا: النهوض بالمؤسسات الأمنية ومبدأ سيادة القانون والالتزام بحقوق الإنسان، واعتماد نُهُج أمنية وقائية إزاء التطرّف العنيف والإرهاب بدلًا من التدابير الأمنية القاسية.

رابعا: بناء الجسور بين المؤسسات الأمنية والمجتمعات المحلية بهدف تطوير نُهُج وقائية مجتمعية من الأسفل إلى الأعلى للقضاء على التطرّف.

خامسا: إقامة حوار جامِع بين مختلف شرائح المجتمع المحلي يشمل أفرادًا من خلفيات دينية أخرى (يُنظر إليها غالبًا على أنّها متطرّفة أو راديكالية)

سادسا: إنشاء إطار قانوني للاعتراف بضحايا التطرّف العنيف والتعويض لهم كوسيلة لإعادة بناء اللُحمة الاجتماعية. 

سابعا: العمل على إلغاء الطائفية في النظام الطائفي اللبناني سبيلًا لبناء هوية وطنية مشتركة، وتعزيز سلطة الدولة، وإضعاف النظام الزبائني، والحد من استغلال الدين لمآرب سياسية.

ثامنا: اعتماد خطط إنمائية شاملة لتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير فرص العمل لتكون عوامل مرونة أساسية في وجه التطرّف العنيف، وضمان استقلالية القضاء وإصلاح الممارسات القضائية، واعتماد إصلاحات في السجون وتوفير خدمات إعادة إدماج اجتماعية ونفسية ودينية لمنع العودة إلى الإجرام.

تاسعا: إعداد برنامج تعويضات للمعتقلين الذين سُجِنوا لفترات طويلة من الزمن وثبتت براءتهم لاحقًا.

عاشرا: تجريم الجرائم الطائفية، وتعزيز دور البلديات وحضورها في المجتمعات المحلية، وتعزيز دور المؤسسات الدينية الرسمية ونطاق تأثيرها، وتعزيز الرقابة والإشراف على قنوات الأقمار الصناعية المتلفزة التي تعمل في بلدان غربية وتنشر الخطاب الطائفي المتطرّف، بما في ذلك كراهية الإسلام. 

أما التوصيات الموجهة الى المجتمع الدولي فتضمنت:

أولا: دعم مبادرات الحوار الإقليمية المتمحورة حول الأمن.

ثانيا: الكفّ عن استغلال الديناميات السياسية الداخلية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كساحات للحروب بالوكالة.

ثالثا: إنشاء قنوات تنسيق مع السلطات الغربية لمكافحة منصات التطرّف عبر الإنترنت وإجراء دراسات إضافية حول تدفّق سرديات التطرّف العنيف والمقاتلين المتطرّفين من الاتحاد الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

رابعا: دعم إحقاق العدالة والبناء السليم للدولة في الدول العربية والامتناع عن دعم الأنظمة الفاسدة والديكتاتورية. 

خامسا: دعم تطبيق اتفاق الطائف الذي يتضمن إلغاء الطائفية السياسية كبندٍ رئيس.

سادسا: دعم المبادرات الشعبية للمجتمع المدني (بما في ذلك منع التطرّف العنيف) وتوفير البرامج التدريبية وفرص العمل للشباب والنساء والفئات المهمّشة في المجتمع، وذلك بهدف إيجاد مساحة لإعداد نخب بديلة غير طائفية. 

سابعا: الإقرار بدور المؤسسات الدينية بوصفها جهات فاعلة رئيسة في مبادرات منع التطرّف العنيف.

وعلى مستوى المجتمع المدني تم إعتماد هذه التوصيات: 

أولا: تعزيز المشاركة المجتمعية في الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية لتكون عامل مرونة مهمًّا، وإشراك المؤسسات والمبادرات والقادة الدينيّين الذين يطرحون سرديات دينية وروحية بديلة. 

ثانيا: تعزيز مشاركة المرأة في الهيئات الإدارية والمدارس ومنظّمات المجتمع المدني، بما في ذلك مبادرات منع التطرّف العنيف.

ثالثا: إنشاء قنوات آمنة للحوار المجتمعي يستطيع من خلالها الأفراد من مختلف الخلفيات المذهبية التلاقي ومناقشة الأفكار الدينية والمذهبية الخاطئة وإيجاد أرضية مشتركة للعمل السياسي المشترك. 

رابعا: إشراك المثقّفين الدينيّين (وشبكاتهم) والاستثمار فيهم في البقاع وغيره من المناطق التي غالبًا ما يتعرض فيها أصحاب الآراء الدينية التقدّميّة للتهميش بسبب الضغط المجتمعي أو المخاوف المتعلقة بالسلامة الشخصية. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal