فاسدون يقامرون بلبنان: الفوضى المالية نموذجاً… عبد الكافي الصمد

من غير أن يرفّ لأحد من المسؤولين جفن، مضى يوم أمس وكأنّ شيئاً لم يكن، ومن غير أن يخرج أحد من أهل السّلطة أو الطبقة السّياسية والمالية الحاكمة كي يوضح للمواطنين حقيقة ما جرى، ويبرّره أو ينتقده، أو يضع نفسه في موقع المسؤولية أو يرميها على آخرين. لا شيء من ذلك كلّه حصل.

ما شهدته السّوق المالية يوم أمس لا يمكن وصفه بأقل من “فضيحة” وهو يرتقي إلى مستوى “جريمة” إرتكبها مسؤولون فاسدون وجشعون، جعلت البلد يشهد ساعات طويلة من يوم أمس فوضى مالية غير مسبوقة، وتخبّط كشف عن هشاشة النظامين السياسي والمالي، وعن تحوّل المواطنين ضحايا مقامرات مالية ومغامرات سياسية ومضاربات مالية من قبل الطبقة الحاكمة.

إذ برغم أنّ البلاد دخلت عملياً فترة عطلة الأعياد، وجعلت كثيرين يتوهمون أنّ إستقراراً سياسياً ومالياً سينعم به لبنان خلال هذه الفترة، خرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كي يعلن رفع سعر صرف صيرفة من 31 ألف ليرة مقابل كلّ دولار أميركي إلى 38 ألف ليرة، وهو الإرتفاع الأكبر الذي تشهده منصة صيرفة منذ تأسيسها، بعدما جرت العادة بأن يتراوح الإرتفاع بين 100 إلى 500 ليرة على الأكثر، لكن يوم أمس ضرب رياض سلامة كلّ الأرقام القياسية بلا استثناء بشحطة قلم.

وما كاد سلامة يعلن قراره حتى شهدت سوق الصيرفة إضطراباً مالياً غير مسبوق، إذ تراجع سعر صرف الدولار الأميركي من 48 ألف ليرة، وهو رقم قياسي غير مسبوق يدلّ على حجم الإنهيار النقدي الذي وصلت إليه الليرة اللبنانية، إلى حدود 41 ألف ليرة قبل أن يعاود الإرتفاع والإنخفاض طيلة ساعات النهار، إلى حين استقراره نسبياً على سعر تراوح بين 44 و45 ألف ليرة.

إذا، كان أقل ما يفترضه الذي حصل أمس أن يخرج المسؤولون كي يشرحوا للمواطنين أسباب ما حصل، وأن يعتذروا عن فشلهم في إدارة الشّأن المالي، أو أن يقدموا إستقالاتهم وويُفسحوا المجال أمام آخرين علّهم ينجحوا في إخراج البلد من أزمته، وفضلا عن تقديمهم للمحاكمة العادلة للاقتصاص منهم، لكن للأسف لم يحصل أيّ شيء من كلّ ذلك، برغم أنّ المآسي والجرائم التي ترتكب بحق الوطن ما تزال مستمرة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal