الفصل الرابع من مسرحية إنتخاب الرئيس.. الشغور بات أمرا واقعا!… غسان ريفي

أقل ما يمكن قوله في مسرحية إنتخاب رئيس الجمهورية، أن النواب يضيّعون وقتهم، ووقت اللبنانيين بسيناريوهات معروفة النتائج سلفا، فلا ترشيح ميشال معوض ولا التصويت للورقة البيضاء، ولا إنتخاب عصام خليفة ولا التفتيش عن الشعارات الوطنية لوضعها في صندوقة الاقتراع سينتج رئيسا، في الوقت الذي بدأ الشعب اللبناني يتآكل ماليا وإقتصاديا وإجتماعيا، وصحيا لا سيما بوباء الكوليرا الذي بدأ يتفشى من دون حسيب أو رقيب.

يدرك النواب من مختلف الكتل أنهم لن يستطيعوا إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، ورغم ذلك يحضرون ويصوّتون ويصرّحون ويتبادلون الاتهامات بالتعطيل ويوزع بعضهم شهادت “السيادية” لهذا ويحجبها عن ذاك في مشهد تسلية وعدم جدية، ولو إستمروا في إعتماد هذا السيناريو لمئة جلسة مقبلة، فإن الأمور لن تتغير وسيبقى الشغور سيد الموقف، وكرسي الرئاسة خاليا.

لم يتغير شيئا في جلسة الأمس، سوى تراجع أصوات النائب ميشال معوض الذي خرج غاضبا ورفع سقفه السياسي في وجه من لا يريد إنتخابه، ودخول إسم الدكتور عصام خليفة الى السباق، واللافت أن الدكتور خليفة كان أعلن أنه غير مرشح مطالبا بعدم التصويت له لكن بعض التغييريين والمستقلين رفضوا ذلك وأعطوه عشرة أصوات، بينما ما يزال النائب معوض يصدق بأن القوات تريد إنتخابه رئيسا، في وقت يعلم القاصي والداني أنها تقاتل به وتختبر نتائج الاتصالات التي تجريها بين الجلسة والأخرى بالتصويت له، فيما العين في حال إرتفع الحاصل الانتخابي لمعوض هو على الدكتور سمير جعجع الذي تستمر عقيلته النائب ستريدا جعجع في التذكير عند كل تصريح بأنه هو المرشح الطبيعي لهذا الخط، ما يعني أن ميشال معوض هو مبدئيا بدل عن ضائع، بانتظار أن تتبلور الأمور أكثر، لكن ذلك لا يمنع بأنه دخل الى نادي مرشحي رئاسة الجمهورية.

في غضون ذلك، حافظ المقترعون للورقة البيضاء على تماسكهم، كفريق لديه خيار محدد يسعى الى تظهيره شيئا فشيئا وصولا الى إيجاد المرشح التوافقي بين أكثرية مكونات المجلس النيابي، في حين تُظهر جلسات الانتخاب في كل مرة هشاشة تكتل التغييريين الذي خرج منه في الجلسة الثالثة النائب ميشال الدويهي ولحقه في الجلسة الرابعة النائب وضاح الصادق، ويبدو أن الحبل سيكون على الجرار نتيجة الخلافات المستحكمة بالنواب الـ13 الذين بدأوا يخيبون آمال من إنتخبهم وإعتمد عليهم في إحداث التغيير المنشود.

تُثبت التجارب أن أحدا في مجلس النواب غير قادر على إنتخاب رئيس بمفرده، ما يؤكد أن الجلسات التقليدية التي تحصل باتت لزوم ما لا يلزم، ولا بد من التفتيش عن خرق يكسر الاصطفافات القائمة ويؤسس لجلسة جدية يصار من خلالها الى إنتخاب رئيس توافقي قادر على التحدث مع كل المكونات اللبنانية وعلى قيادة المرحلة المقبلة، وليس رئيس تحدٍ يؤسس لتوترات أمنية قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.

لا شك في أن الانتخابات الرئاسية في لبنان ما تزال أسيرة اللعبة الاقليمية والدولية، فلبنان ليس جزيرة معزولة، وهو مرتبط بشكل وثيق بما يجري في المنطقة، خصوصا أن بعض الكتل النيابية لا تمتلك قرارها، لذلك فإن التوافق على رئيس جديد للجمهورية يحتاج الى كلمة سر، وكلمة السر تحتاج الى تفاهمات في المنطقة، والتفاهمات تحتاج الى حلول جذرية لكثير من القضايا التي ما تزال عالقة، وبالتالي على لبنان الانتظار، والتعاطي مع الواقع الراهن لا سيما بعد خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، بكثير من الوعي والحكمة، خصوصا أن البلاد لا تحتمل مغامرات من هنا ولا طموحات زائدة من هناك ولا جنون من هنالك، لا سيما في ظل التحذيرات المتلاحقة من إمكانية إنفجار الوضع الأمني الذي تؤكد المعلومات أنه ينتظر كبسة زر ليس في مصلحة أحد الضغط عليها. 


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal