شروط باسيل تكشف إنفصاما سياسيا.. وخوفا من 31 تشرين!… غسان ريفي

لم تعد عملية تشكيل الحكومة تقتصر على خلاف حول إسم وزير من هنا وآخر من هناك، ولو كان الأمر كذلك لنجح الوسطاء وسعاة الخير في مهماتهم ولأبصرت الحكومة النور منذ أسابيع.. لكن الأمر بات يتعدى ذلك الى ما هو أكبر وأشمل، وهو لمن ستكون الكلمة الفصل والنفوذ في حكومة ملء الشغور الرئاسي؟، وكيف يمكن للتيار الوطني الحر أن يستفيد منها في تمديد عهد ميشال عون ونقله من بعبدا الى الرابية، وبالتالي تطويق رئيس الجمهورية الجديد بتعيينات مسبقة، والدخول معه شريكا مضاربا في الحكم؟.

في 29 حزيران الفائت أي قبل ثلاثة أشهر وعشرين يوما، قدم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تشكيلة حكومية سبق وتحدث عنها قبل تكليفه بأنها ستكون نسخة منقحة عن حكومة “معا للانقاذ”، ومنذ ذلك التاريخ كان على الجميع أن يعي ويعلم أن فريق العهد لا يرغب في تشكيل الحكومة، خصوصا أن كل الايجابيات التي قدمها الرئيس ميقاتي جوبهت بسلبية مطلقة، لا بل بإساءات عن قصد الى موقع رئاسة الحكومة بهدف التعطيل الكامل والفراغ الذي ينشده هذا الفريق الذي يقوده تخطيطا وتنفيذا النائب جبران باسيل.

ورغم ذلك، فإن الوسطاء لم يوقفوا محركاتهم التي تعمل بقوتها القصوى حاليا لتشكيل الحكومة بهدف قطع الطريق على الالتباس الدستوري الذي إخترعه باسيل لمنع حكومة تصريف الأعمال من تسلم مهام رئاسة الجمهورية، علما أن الدستور لا يمنع ذلك، كما أن خبراء دستوريين من مختلف الاتجاهات والطوائف أكدوا أنه لا يحق لرئيس الجمهورية أن يسلم صلاحياته لأحد، بل إن هذه الصلاحيات تسقط بمجرد إنتهاء الولاية، ويتولى الدستور نقلها الى الحكومة مجتمعة من دون أن يذكر ما إذا كانت تصريف أعمال أو فاعلة بكامل الصلاحيات.

لذلك، فإن باسيل الذي يهدد ويتوعد إنطلاقا من إستقوائه بعمه رئيس الجمهورية وبتوقيعه على مراسيم التشكيل، يسعى من خلال ذلك، إما الى أن تكون الحكومة مطواعة بين يديه يستطيع من خلالها فرض نفوذه على السلطة والحكم في مرحلة الشغور وما بعد مرحلة الشغور، وإما أن يعطل تشكيل الحكومة بشتى الطرق، وهذا ما بدأ يلمسه الوسطاء وسعاة الخير الذين كلما ذللوا عقبة، طرح باسيل عقبة أخرى، حتى بات يتناقض مع نفسه كمن يعيش حالة إنفصام سياسي، حيث يدعو الى تشكيل الحكومة، ويهدد بالفوضى الاجتماعية في حال عدم تشكيلها، وفي الوقت نفسه يعطل التشكيل بشروط ومطالب تعجيزية، ويقول بأننا لا نريد أن نشارك، وعندما يتجاوز الوسطاء كل ذلك وينجحوا في تلبية بعض الشروط ضمن الثوابت والمسلمات التي يسير عليها الرئيس نجيب ميقاتي والمتوافق عليها وطنيا، يعلن رفضه إعطاء الحكومة الثقة.

ما يعني أن باسيل يريد أن يشكل حكومة على قياسه، من دون أن يتحمل أي مسؤولية، رافعا شعار المعارضة في المرحلة المقبلة، والذي يبقى فارغا كونه يسيء الى ذاكرة وذكاء اللبنانيين، وبالتالي فإن كل هذه “الهوبرة” وهذا التهديد والوعيد والتصريحات والمواقف اليومية وتحميل المسؤوليات ورمي الاتهامات وصولا الى الافتراءات والعنتريات، كلها ناتجة من خوف على نفوذ سيضعف بعد 31 تشرين الأول الجاري، ما يدفع باسيل الى التعطيل للوصول الى الفوضى التي تمنحه فرصة جديدة للبقاء ضمن المعادلة وتحقيق المكاسب.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal