البخار السياسي يتصاعد في رأس باسيل.. مصادرة أدوار وإختلاق بطولات!… غسان ريفي

يبدو أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل صدّق ما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون في خطاب إعلان موافقة لبنان على ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي، عندما جيّر له إنجازا لا يستحقه، بمنحه دورا أساسيا في تلك العملية عندما كان وزيرا للطاقة قبل أكثر من عشر سنوات، فسارع الى إستغلال مناسبة 13 تشرين ليجمع حوله أنصار التيار البرتقالي ويدخل أمامهم في نوبة “تفنيص” متحدثا عن بطولاته وشجاعته ومواقفه في هذا الملف، موحيا بأنه لو لم يكن متواجدا ماضيا وحاضرا لما وصل هذا الترسيم الى خواتيمه السعيدة، ولم ينس أيضا أن يتهم خصومه بالخيانة وبعرقلة المهام السامية التي كان يقوم بها.

إستخدم باسيل في خطابه كثيرا من المغالاة خلال الحديث عن ملف الترسيم، حتى ظن البعض أنه يشاهد “سوبرمان” بقوة خارقة لم يستطع عدو خارجي أو خصم داخلي تعطيلها أو الوقوف بوجهها، قبل أن يأخذه الحال، ويصادر دور المقاومة عندما نسب لنفسه بأنه صاحب معادلة “قانا مقابل كاريش” وأن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله “تبناها وثبتها بقوة المقاومة وتهديداتها ومسيّراتها”، بينما كان معلوما لدى جميع المتابعين بأن باسيل كان يردد ما يقوله السيد نصرالله ويتبنى بيانات المقاومة في هذا الشأن، لكن يبدو أن “البخار السياسي” المتصاعد في رأسه أدى الى إحراج الرئيس عون الذي حاول في خطابه منحه دورا يدخله في المعادلة، ليفاجأ بأنه صادر كل الأدوار ووضع كل خصومه في مصاف الخونة والمتآمرين، من دون أن ينسى أن يشيد بـ”فهم وعلم” هوكشتاين في رسالة ودّ جديدة للأميركيين معروفة الأهداف والمرامي.

تجلى “البخار السياسي” الضارب عميقا في رأس باسيل أيضا في مصادرة دور رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة، حيث إعتمد كل أدوات النهي والنفي، مؤكدا أنه “لن تتشكل حكومة خارج الدستور ولن تتشكل خارج الشراكة”، وبذلك منح نفسه صلاحيات رئيس الجمهورية، لا بل أكثر من ذلك تحدث بإسمه معلنا أن “عون لن يقبل بآخر إسبوعين ما لم يقبل به في ست سنوات”، لكنه تناسى باسيل أن يصارح اللبنانيين بأنه يريد أن يحقق في هذه الحكومة ما عجز عن تحقيقه في ست سنوات، ويريد من خلال التعيينات أن يمدد نفوذه الى العهد الجديد وأن يبقى على قيد الحياة السياسية، وإلا فإن الفتنة حاضرة وهو أسس لها في خطابه من خلال ضرب بنود الدستور الذي يحدد آلية إنتقال الصلاحيات في حال الشغور الرئاسي.

لا شك في أن الحالة النفسية المسيطرة على باسيل جراء إنتهاء عهد عمه وشعوره بخسارة النفوذ الرئاسي الذي تمتع به على مدار ست سنوات، جعله يغرق في جملة من التناقضات حيث أعلن أنه “غير مهتم بأن يكون في الحكومة”، بينما يستقوي منذ أربعة أشهر بتوقيع عمه ويعطل التأليف الى حين تغيير أكثرية الوزراء المسيحيين الذين كانت تهمتهم فقط بأنهم يتعاونون مع رئيس الحكومة، وإستبدالهم بآخرين يأتمرون بأمره وجاهزون لتفجير الحكومة من الداخل كلما دعت الحاجة.

واللافت أكثر قوله أننا “سنكمل مع الرئيس عون في الرابية لاستكمال بناء السدود وإنشاء معامل الكهرباء وتشغيل المطارات وتفعيل السكك الحديد وغيرها من المشاريع الحيوية”، وكأن الرئيس عون على مدار ست سنوات كان في نزهة أو منفيا خارج البلاد واليوم يعود لاستكمال الانجازات، ومتناسيا أن هناك 800 يوم تعطيل من دون حكومة بسبب شروطه ومطالبه، وأنه شكل أساسا في السلطة السياسية، وشارك في كل الصفقات من التسوية مع سعد الحريري، الى تفاهم معراب.

في إحدى مسرحيات الرحابنة تجسد فيروز دور هيفا حفيدة نصري شمس الدين (أبو ديب) الذي يحب الصيد ويتحدث في مجالسه عن بطولات وهمية، من “قتل السبع، والامساك بالتمساح”، فلفتت هيفا نظر جدها بأنه “عم يزيدها” ويكبّر الخبرية فطلب منها إعطائه إشارة عندما “يأخذه الحال ليعود ويصغر الخبرية”، وبما أن الشيئ بالشيء يذكر، فإن باسيل في خطاب 13 تشرين كان يحتاج الى من يعطيه إشارة ويلفت نظره بأنه “عم يزيدها ويكبر الخبرية” لا سيما في ملف الترسيم.


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal