لبنان بلا كهرباء وصمت القبور يُخيّم على البلد… عبدالكافي الصمد

خبران متعلقان بالتيّار الكهربائي مرّا أمس مرور الكرام من غير أن يتوقف عندهما أحد، أو أن يستنفر الوضع الكهربائي المزري الجميع في السّلطة من أجل تأمين حلّ ينهي الظلام المُخيّم على البلد منذ أيّام، وفي بعض المناطق منذ أسابيع، وكأنّ اللبنانيين تأقلموا مع العتمة وتعايشوا معها بشكل طبيعي.

الخبر الأوّل، وفق مؤسّسة كهرباء لبنان، أنّ كلّ معامل توليد الكهرباء في لبنان باتت خارج الخدمة إلّا معمل الليطاني، وهو معمل كهرومائي، بإنتظار وصول شحنات الفيول من العراق في أواخر شهر أيلول الجاري. 

أمّا الخبر الثاني، فمتعلق بالخبر الأوّل وتابع له، وهو توضيح مؤسّسة كهرباء لبنان بأنّها لم تطفئ معامل إنتاج الكهرباء وتحديداً معملي دير عمار والزهراني، بسبب نفاد الفيول العراقي، وعدم وصول الدّفعات الجديدة منه، لأنّ مخزون الفيول يكفي لمدة شهر في معملي ذوق مكايل والجية لإنتاج نحو 150 ميغاوات، لكنّ إطفاء المعملين كان جرّاء إقتحام معمل الجية من قبل محتجين، والتهديد الذي وصلنا بسبب دخان معمل الذوق، فقرّرنا عدم تشغيل المعملين.

وصول وضع الكهرباء إلى هذا الحدّ من التردّي، ومن تقاعس المسؤولين في معالجة مشكلة تشلّ البلد وتتسبّب يومياً في انهياره، وفي شلّ إقتصاده ودورة الحياة فيه، يستدعي التوقف عند مجموعة من النقاط، أبرزها:

أولاً: لا يقول المسؤولون وأهل السّلطة في لبنان الحقيقة. هذه عادة أصيلة لديهم. ففي نهاية شهر آب الماضي خرج مسؤولون ليقولوا إنّ الفيول العراقي سيصل إلى لبنان منتصف شهر أيلول على أبعد تقدير، وأنّ الكميات المستوردة تكفي تغذية لبنان بالتيّار الكهربائي لمدة ثلاث ساعات يومياً على الأقل. فإذا بهم في الموعد المحدد لوصول الفيول يعلنون تاجيل وصوله إلى نهاية الشهر الجاري، ما جعل الشكوك تتزايد حول حقيقة وصول فيول عراقي من عدمه إلى لبنان.

ثانياً: يتساءل كثيرون كيف أنّ الفيول غير موجود في خزّانات معامل إنتاج الكهرباء، وبالتالي إطفائها وجعل العتمة تخيّم على لبنان، في حين أنّ مولدات الكهرباء الخاصة ما تزال تعمل في لبنان بشكل طبيعي، من غير أن تشكو من نفاد المازوت من خزّاناتها، برغم لجوء بعضها إلى التقنين نسبياً. فهل تملك المولدات الخاصّة القدرة على تزويد المواطنين بالكهرباء أكثر من الدولة التي تبدو عاجزة عن ذلك؟

ثالثاً: يدور همس في أوساط عدّة أنّ سبب توقف معامل إنتاج الكهرباء عن العمل هو مقدمة لإقرار قانون الزيادة على تعرفة فاتورة الكهرباء الرسمية، قبل عودة التيّار الكهربائي إلى ما كان عليه في السّابق، أيّ 10 ساعات تغذية يومياً على الأقل. وهذا الهمس يبدو أنّه أصبح كلام جدّي، لكن ما يؤجّل إقراره رسمياً هو التوافق المسبق بين أركان السلطة عليه، وانتظار التوقيت المناسب لإقراره، وحتى ذلك الحين يبدو أنّ صمت القبور سيبقى يُخيّم فوق رؤوس اللبنانيين.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal