صندوق النقد الدولي ولبنان.. لن يجد ما يمكن تقديمه له!… عبدالكافي الصمد

آمال تكاد تكون معدومة تلك التي ينتظر البعض أن يسفر عنها الإجتماع السنوي لمجلس إدارة صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اللبنانيين، في شهر تشرين الأوّل المقبل، ما يعني أنّ الدعم المنتظر للبنان من الصندوق لإخراجه من أزماته سيكون صفراً.

قبل نحو خمسة أشهر من اليوم، وقّع لبنان وصندوق النقد مسودة إتفاق، بثّت الآمال قليلاً في أن يتمكن لبنان أخيراً من تجميع عناصر خطة إصلاح إقتصادي لمعالجة الإنهيار المالي في البلاد، ومعالجة الأزمة، لكن تبيّن خلال الأشهر الخمسة الماضية أنّ النخب السّياسية والمالية، يعني أهل السلطة، تعرقل بكل السبل تأمين أيّ حزمة إنقاذ. ذلك أن مساعي تنفيذ إصلاحات كان صندوق النقد قد طلبها من لبنان ما تزال تراوح مكانها، دون تقدم على أي مسار، أمام مقاومة سياسيين وماليين يدافعون عن مصالح خاصة، ويعتبرون أنفسهم فوق الدولة وفوق المحاسبة.

وبالرغم من كلّ الملاحظات على أداء صندوق النقد الدولي في الدول التي يتدخل لإنقاذها وإخراجها من أزماتها، والشكوك الواسعة حول برامجه وأهدافه ونتائج تدخله في دول العالم الثالث تحديداً، والتي لا تصبّ عادة في مصلحة شعوبها، فإنّ يأس الصندوق من السلطة في لبنان يعبر بوضوح عن يأس وانقطاع رجاء مماثلين لدى مختلف الجهات المانحة، العربية والدولية، من إمكانية إنقاذ لبنان، ولو جزئياً.

هذا اليأس لم ينبع من فراغ، فبعد انتهاء الحرب الأهلية وإقرار إتفاق الطائف قبل أكثر من 3 عقود ونيّف، وتقديم الدول والجهات المانحة مليارات الدولارات لإعادة إعمار لبنان، فقد تبين أنّ نحو180 مليار دولار قد صرفت في البلد، وترتبت أعباءً وديوناً عليه، لتكون النتيجة بعد كلّ ذلك الوضع المزري والبائس الذي يعيشه اللبنانيون اليوم.

فبعد كلّ الأموال الطائلة التي صُرفت تبدو البنى التحتية في لبنان متهالكة، من الكهرباء التي تعتبر “إمّ الرذائل” التي أوصلت البلد إلى ما هي عليه بعد إنفاق أكثر من 45 مليار دولار عليها لتكون النتيجة اليوم أنّه لا يوجد كهرباء، إلى الطرقات التي تعاني وضعاً رديئاً، إلى شبكات مياه الشّرب والريّ والصرف الصحي، وقطاعات الصحّة والتربية والتعليم والصناعة والزراعة والصناعة والسياحة والإتصالات وسواها التي تبدو مشلولة وتعيش في زمن مضى لا يصلح للزمن الحالي، ولا يمكنها التطوّر والتفاعل مع المتغيرات في المنطقة والعالم.

هذا اليأس إمتد أيضاً من رفض الطبقة السياسية والمالية إدخال أيّ إصلاحات على المالية العامة للدولة، وعلى نظام عمل المصارف، والشّفافية والمحاسبة، لأنّه لا يناسب مصالحها الشخصية والضيقة، ما جعل صندوق النقد الدولي، كما بقية معظم الجهات المانحة لا تبدي حماسة في مدّ اليد وإنقاذ البلد الذي يهوي كلّ يوم نحو قعر لا نهاية له.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal