الحكومة أم المأزق؟!… غسان ريفي

دخل لبنان مرحلة بالغة الدقة، مع دخوله المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، في ظل استمرار البعض بتعطيل تشكيل الحكومة واعتراضه في الوقت نفسه على انتقال صلاحيات الرئاسة الى حكومة تصريف الاعمال في حال حصول الفراغ الرئاسي الذي يبدو أنه اصبح واقعا، خصوصا ان كل فريق سياسي بات يفتش عن كيفية تعطيل نصاب الجلسات بدل أن تتضافر الجهود لاجراء هذا الاستحقاق لتخفيف المعاناة والمآسي عن كاهل اللبنانيين.

ثمة رأيان بشأن الحكومة المقبلة: 

الاول، ينطلق من رغبة دولية إقليمية تترافق مع سعي داخلي حثيث لتأليف الحكومة لتجنب الدخول في صراع دستوري قد يؤدي الى فتنة، خصوصا في ظل إصرار التيار الوطني الحر على رفض تسليم صلاحيات الرئاسة الى حكومة تصريف الاعمال، وتسريب اجواء عن تحضير مفاجآت لا تمت الى الدستور بصلة.

ويرى اصحاب هذا الرأي، انه في حل وصلت الامور الى هذا الدرك، فإن سيناريوهات دراماتيكية ستفرض نفسها على البلاد التي ستشهد انهيارات اقتصادية مضاعفة، وازمات اجتماعية غير مسبوقة في ظل تفلت سعر صرف الدولار من عقاله، وتحلل اضافي في مؤسسات واجهزة الدولة، وفتح الابواب على مصراعيها على فوضى أفقية، قد تؤدي الى اهتزازات أمنية.

ويؤكد هؤلاء أنه ليس من مصلحة أحد الدخول في مغامرة من هذا النوع، خصوصا أن الهيكل في حال سقوطه فإنه سيسقط على رؤوس الجميع ولن يكون أحد بمنأى عن تداعياته الخطيرة.

أما الرأي الثاني، فيرجح تأليف حكومة في ربع الساعة الاخير، إستنادا الى ما سبق بأن ليس هناك من توجه إقليمي او دولي لترك الامور على غاربها، معطوفا على خوف محلي من بعض الاطراف الداخلية من إمكانية انهيار البلد بشكل كامل.

في الشكل لم يعد هناك من مبرر لتأخير إصدار مراسيم تشكيل الحكومة، خصوصا أن الرئيس نجيب ميقاتي عمل على تبديد هواجس الرئيس ميشال عون وتجاوب مع مطالبه، وصولا الى موافقته على ان يختار الوزيرين السني والدرزي بشرط عدم استفزاز المكونين اللذين ينتميان اليهما.

واللافت أن الرئيس ميقاتي طلب من الرئيس عون في اللقاء الخامس تزويده بهذين الاسمين لعرضهما على المعنيين لكنه رفض ذلك، في وقت يستمر فيه النائب جبران باسيل في تحريك فريقه لاستهداف رئيس الحكومة سواء بالبيانات او بالمواقف السياسية، أو عبر المصادر والشائعات والهرطقات الدستورية.

أما في المضمون، فإن الفترة الزمنية المتبقية للحكومة لا تستأهل تعريض البلاد والعباد لأسوأ السيناريوهات من اجل وزيرين، إلا اذا كان هناك قناعة برتقالية بأن الفراغ الرئاسي قد يمتد لوقت طويل، وبالتالي فإن رفض عون إعطاء إسم الوزيرين الى ميقاتي يتجاوز الحكومة الى ما بعد انتهاء الولاية وصولا الى إعطاء جبران باسيل ضمانات بتحقيق مكاسب تبقيه على قيد الحياة السياسية وتعزز نفوذه في العهد الجديد.

وترى مصادر مواكبة أن باسيل يدرك بأن انتهاء ولاية عمه الرئاسية تعني تبدلا في موازين القوى وان نفوذه سيضعف وسيواجه العديد من الصعوبات ضمن تياره بالدرجة الاولى في ظل اعتراض داخلي على سلوكه، ولدى أكثرية التيارات السياسية التي لم يترك له فيها صاحبا، ما يجعله يلعب “صولد” بهدف تحصين نفسه قبل ان يفقد مصدر قوته الوحيد.

وتشير هذه المصادر الى أن الوقت لم يعد يتسع لمزيد من المماطلة واللعب بمصير اللبنانيين، خصوصا أن البلد وصل الى مفترق الطرق الحاسم، فإما التوجه نحو التهدئة بتشكيل حكومة تكون على قياس الوطن الذي من المفترض أن يكون أكبر من كل التيارات السياسية ومصالحهم، او الدخول في المأزق الذي سيتفرع منه طرق عدة توصل جميعها الى جهنم وربما الى الجحيم!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal