كيف تتجاوز طرابلس أزمة مولّدات الكهرباء؟… عبد الكافي الصمد

منذ اليوم الأوّل لإعلان وزارة الطاقة والنيابة العامة الإستئنافية في الشمال عن بدء تطبيق القرار المتعلق بإلزام أصحاب مولدات الكهرباء الخاصّة في طرابلس الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة لكلّ كيلو وات كهرباء، في الأوّل من شهر آب المقبل يوم بعد غد الإثنين، حتى تصاعدت أصوات أصحاب المولّدات معترضة على القرار الذي اعتبرته مجحفاً بحقها.

مختصر القرار هو إلزام أصحاب المولّدات قبض فواتيرهم الشهرية من المشتركين على أساس سعر 14 ألف ليرة لكل كيلو وات كهرباء، وهو قرار بدا تطبيقه في مختلف المناطق اللبنانية، ومن خالفه من أصحاب المولّدات قام القضاء بختم مولداتهم ومكاتبهم بالشمع الأحمر، وفرض غرامة مالية عليهم وجرى تهديدهم بالحبس، ما دفعهم للتراجع عن تمسكهم بالتسعيرة الخاصة بهم، التي تزيد ضعفاً على أقل تقدير تسعيرة وزارة الطاقة، والتزامهم بتسعيرة وزارة الطاقة، كما حصل في مدينتي صيدا وصور.

هذا القرار وفور الإعلان عنه لقي ترحيباً واسعاً من الطرابلسيين، كون إلتزام أصحاب المولدات بتسعيرة وزارة الطاقة سيخفض قيمة فاتورتهم بمعدل النصف على أقل تقدير، وسيخفف العبء عن سكان مدينة تصنف على أنّها الأفقر بين المدن اللبنانية مجتمعة، ويزيد من يقيمون منهم تحت خط الفقر أكثر من 85 في المئة، عدا عن أن الفاتورة ستكون بالليرة اللبنانية وليس بالدولار، كما يفرض أصحاب المولدات فواتيرهم على المشتركين، ووفق سعر صرف السوق السوداء، ما دفع كثيرين منهم إلى الإستغناء عن خدمة المولدات الخاصة، وتوقيف إشتراكاتهم فيها، لأن فاتورتها باتت تناهز مدخولهم الشهري بأكمله.

إستياء الطرابلسيين من إرتفاع تكلفة فاتورة الإشتراك في مولدات الكهرباء الخاصة، شكلت دائماً دافعاً لهم للإستياء والإستنكار والتساؤل عن أسباب الفارق في قيمة الفاتورة بين طرابلس وجوارها في زغرتا والكورة والبترون، حيث يلتزم أصحاب المولدات هناك بتسعيرة وزارة الطاقة، ولا يقولون بأنهم يتكبدون خسائر كما يدعي أصحاب المولدات الخاصة في طرابلس، الذين يقولون كلما طُلب منهم الإلتزام بتسعيرة وزراة الطاقة، لتتسلم الوزارة والقضاء مولداتهم، وليقوموا هم بتشغيلها وتحمّل نفقات وتكلفة تشغيلها، حتى يتبين لهم أن تسعيرة وزارة الطاقة تكبدهم خسائر، وستجعلهم مضطرين مع الوقت إلى التوقف عن العمل وإطفاء مولداتهم، وهو ما قام به بعض أصحاب المولدات مؤخراً.

هذا التجاذب بين أصحاب المولدات من جهة، ووزارة الطاقة والنيابة العامة الإستئنافية من جهة أخرى، كشف عن جوانب كانت مخفية في عمل المولّدات، هي “الخوات” التي يدفعونها إلى سياسيين وأمنيين وقبضايات وشبيحة في الشوارع والأحياء، وأنّ أغلب هؤلاء لا يدفعون قيمة فواتيرهم الشهرية، التي تبلغ بين ربع إلى ثلث قيمة الفواتير الإجمالية، ما يجعل أصحاب المولدات يسعون لتعويض هذه الخسارة على حساب الفقراء ومتوسطي الدخل والأوادم.

وصول الأزمة إلى هذه النقطة المفصلية والحساسة شكلت دافعاً للتساؤل حول كيفية تجاوز هذه الإشكاليات والعقبات، سواء لتطبيق تسعيرة وزارة الطاقة وإراحة المواطن، أو إبقاء هذه المولدات تعمل بلا ضغوطات عليها ورفع الخوات عن أصحابها؟

لا أجوبة بعد عن كلّ ذلك بانتظار بعد غد الإثنين.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal