مأزق ″تيار العهد″ يُترجم تصعيدا في مصرف لبنان.. ″أنا ومن بعدي الطوفان″!… غسان ريفي

يضيق الوقت على التيار الوطني الحر، ما يُشعره بالعجز عن تحقيق ما يصبو إليه من مكاسب سياسية وإدارية قبل إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل، وما يضاعف من هذا العجز هو إلتزام رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بالدستور لجهة تقديمه تشكيلة حكومية يراها مناسبة لقيادة المرحلة المقبلة، لم ترق للرئيس عون وفريقه السياسي كونها لا تخدم خطتهما الرامية الى تمديد نفوذهما السياسي الى العهد الجديد.

بات واضحا أن التيار الوطني الحر المستقوي بالرئيس عون يريد حكومة على قياسه، تخدم توجهاته في التعيينات الادارية والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية، وفي تصفية الحسابات السياسية، لذلك فقد سارع المتضررون من التشكيلة الميقاتية الى تسريبها بعد ربع ساعة على تقديمها، والى شن حرب مصادر وبيانات حولها، وضد الرئيس المكلف الذي يبدو أن الهجوم عليه يأخذ بالتصاعد بشكل يومي ما يشير الى المأزق الذي يتخبظ فيه التيار البرتقالي.

بالتزامن مع التصعيد غير المبرر ضد رئيس الحكومة الذي وبحسب أكثرية المراقبين، لم يخطئ مع رئيس الجمهورية، يبدو أن التيار الوطني الحر قرر أن يكون تصعيده متعدد الأوجه وفق قاعدة “أنا ومن بعدي الطوفان”، وهو أمر غير مستغرب لدى الأكثرية من المراقبين ممن باتوا يعرفون التوجهات البرتقالية في حالات من هذا النوع.

بداية هذا التصعيد إستهدف بالأمس القطاع المصرفي الذي حرك التيار البرتقالي قاضيته باتجاهه مجددا كـ”فشة خلق”، وأدى الى شل العمل في مصرف لبنان بعد إعلان نقابة الموظفين فيه الاضراب والاعتصام داخل حرم المصرف، وذلك “إحتجاجا وإعتراضا على التجاوزات القانونية والطريقة المليشيوية التي تمارسها القاضية غادة عون” (بحسب بيان النقابة).

وبحسب العديد من المتابعين فإن سلوك القاضية عون شكل ضربة جديدة للقطاع المالي المتهالك، خصوصا أنه لم يسبق لأحد حتى في عز الحرب الأهلية وزمن المليشيات، أن أقدم على إقتحام مصرف لبنان بهذه الطريقة، باستثناء محاولة فاشلة لوزير الداخلية إلياس الخازن في الثمانينيات من القرن الماضي لتوقيف الحاكم الراحل إدمون نعيم.

واللافت بحسب المتابعين، أن القاضية عون حرصت على إعتماد طريقة إستعراضية في إقتحام مصرف لبنان بحثا عن الحاكم رياض سلامة، الأمر الذي أساء للمصرف وللقطاع المصرفي وللقضاء وللقاضية عون ولمن حرّضها على القيام بهذا التصرف، خصوصا أنها وأمام عدسات الكاميرات عمدت الى التفتيش عنه في المكاتب وفي الخزانات وفي الغرف المقفلة، ما أثار سلسلة تساؤلات من معارضين ومؤيدين للحاكم رياض سلامة، لجهة: هل هكذا يتم التفتيش عن الحاكم؟، وهل باللوحات الاستعراضية والعنتريات يتصرف القضاء؟، وهل ثمة تعاقد بين القضاء وبين المحطات التلفزيونية لنقل وقائع إقتحامات القاضية عون وتفتيشها عن المتهمين في الخزانات؟، وهل بهذه الطريقة تحل الأزمات المالية وتعالج الملفات القضائية؟، وبالتالي من يوقف القاضية عون عند حدها للكف عن الاساءة الى القضاء بهذا الشكل والتسبب بتضارب الصلاحيات القضائية والأمنية بما قد يؤدي الى ما لا يحمد عقباه؟.

ويقول المتابعون: آن الأوان لوضع حدّ لما يحصل، فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ما يزال يمارس عمله بشكل كامل، ويصدر المراسيم التي تلتزم بها الدولة اللبنانية والمصارف، ويصدر قرارات تمويل بعض القطاعات بطلب من الحكومة والوزراء المختصين، ما يعني أنه ما يزال حاكما كامل الأوصاف، لذلك، إما أن تنزع عنه هذه الصفة وتتم ملاحقته جديا وليس “غب الطلب” كما يحصل كلما كان هناك تصعيدا سياسيا لتوجيه رسائل معينة، أو أن يترك للعمل المناط به.

لا يختلف إثنان على أنه في حال كان هناك قرار بتوقيف رياض سلامة، فهذا الأمر لا يحتاج سوى الى عشر دقائق من بعض الأجهزة الأمنية لمعرفة مكان إقامته والقبض عليه، لكن يبدو أن لا قرار صدر بهذا الشأن ولا نية بإصدار قرار من هذا النوع، فلماذا إذا كل هذا الكم من الاساءات الى موقع حاكمية مصرف لبنان بما يضاعف من تشويه صورة لبنان في كل أنحاء العالم؟، وطالما أن القاضية غادة عون تعرف أن حاكم المصرف لا يختبئ لا في خزانة ولا في خزنة، فلماذا كل هذه البروباغندا؟، وهل إتخذ العهد قرارا بضرب ما تبقى من مؤسسات قبل أن يرحل، ليقضي على البقية اللبنانية الباقية ويقود الجميع الى الدرك الأسفل من جهنم؟!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal